عما ذكر لأبي حنيفة. وأما التخريج الذي ذكرناه فإنه لا يلزم إتمام الشهر الأول من الثاني ويجوز أن يكون تمامه من الرابع، ولهذا لم يسقط اعتبار الشهر الأول فيما سواه.
(فرع) إذا بلغت سنا تحيض فيه النساء في الغالب فلم تحض كخمس عشرة سنة فعدتها ثلاثة أشهر، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وضعف أبو بكر من أصحابه الرواية المخالفة لهذا، وقال رواها أبو طالب فخالف فيها أصحابه، وذلك ما روى أبو طالب عن أحمد أنها تعتد سنة، ووجه القول الأول قوله تعالى " واللائي لم يحضن " وهذه من اللائي لم يحضن، ولأن الاعتبار بحال المعتدة لا بحال غيرها ولهذا لو حاضت قبل بلوغ سن يحيض لمثله النساء في الغالب، مثل أن تحيض ولها عشر سنين اعتدت بالحيض، وفارق من ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه، فإنها من ذوات القروء وهذا لم تكن منهن.
وأقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين، لان المرجع فيه إلى الوجود وقد وجد من تحيض لتسع.
وقد روى الشافعي رضي الله عنه أنه قال: رأيت جدة لها إحدى وعشرون سنة، واختلف في السن التي تصير بها المرأة من الآيسات، فعن الشافعي قولان (أحدهما) يعتبر السن الذي يتيقن أنه إذا بلتغه لم تحض. قال بعض أصحابنا هو اثنان وستون سنة.
(والثاني) يعتبر السن الذي ييأس فيه نساء عشيرتها، لأن الظاهر أن نشأها كنشئهن وطبعها كطبعهن.
واختلف عن أحمد في السن الذي تصير به المرأة من الآيسات، فعنه أوله خمسون سنة، لان عائشة قالت: لن ترى المرأة في بطنها ولدا بعد خمسين سنة، وعنه إن كانت من نساء العجم فخمسون، وإن كانت من نساء العرب فستون " لأنهن أقوى طبيعة، وقد ذكر الزبير بن بكار في كتاب النسب أن هندا بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة ولدت موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولها ستون سنة، وقال يقال إنه لن تلد بعد خمسين سنة إلا عربية ولا تلد لستين إلا قرشية