وأما خبر هند فهو حجة لنا لأنه قال " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " والمعروف عند الناس يختلف بيسار الزوج وإعساره، ولم يقل خذي ما يكفيك ويطلق، وعلى أنا نحمله على أنه علم من حاله أن كفايتها لا تزيد على نفقة الموسر وكان أبو سفيان موسرا.
إذا ثبت هذا فإن نفقتها معتبرة بحال الزوج، فإن كان الزوج موسرا - وهو الذي يقدر على النفقة بماله أو كسبه - وجب لها كل يوم مدان، وإن كان معسرا، وهو الذي لا يقدر على النفقة بماله ولا كسبه وجب كل يوم مد وهو رطل وثلث وهو نحو ستمائة جرام من الحنطة تقريبا، لان أكثر ما أوجب الله تعالى في الكفارات للواحد مدان. وهو في كفارة الأذى. وأقل ما أوجب للواحد في الكفارة مد، فقسنا نفقة الزوجات على الكفارة، لان الله تعالى شبه الكفارة بنفقة الأهل في الجنس بقوله تعالى " من أوسط ما تطعمون أهليكم " فاعتبرنا الأكثر والأقل في الواجب للواحد في الكفارة. وأما المتوسط فإنه يجب عليه كل يوم مد ونصف مد، لأنه أعلى حالا من المعسر وأدنى حالا من الموسر فوجب عليها من نفقة كل واحد منهما نصفها (فرع) وإن كان الزوج عبدا أو مكاتبا أو مدبرا أو معتقا نصف وجب عليه نفقة زوجته لقوله " وعلى المولود له رزقهن " الخ الآية. وهذا مولود له ولا تجب عليه الا نفقة المعسر لأنه أسوأ جللا من الحر المعسر قوله " وتجب النفقة عليه من قوت البلد " وهذا صحيح فإنه يجب عليه أن يدفع إليه من غالب قوت البلد. فإذا كان غالب قوت البلد من البر أنفق منه.
وإن كان من الأرز أنفق منه. وإن كان من التمر أنفق منه. ولأنه طعام يجب على وجه الاتساع والكفاية فوجب من غالب قوت البلد كالكفارة. ويجب أن يدفع إليها الحب. فإن دفع إليها الدقيق أو السويق أو الخبز، قال الشيخ أبو حامد وابن الصباغ لم يجز وذكر صاحب المهذب أنه لا يجوز وجها واحدا لقوله تعالى " فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم " فجعل الكفارة فرعا للشفقة ومحمولا عليها.