فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٤ - الصفحة ١١٢
جهل كون الكلام مبطلا وعلى رأى نعم لان ذلك مشهور لا يكاد يجهله مسلم وهذا مما يختص بمعرفته الفقيه والله أعلم ومنها الاكراه فلو أكره حتى تكلم هل تبطل صلاته فيه قولان كالقولين فيما لو أكره الصائم على الاكل أحدهما لا تبطل صلاته الحاقا للاكراه بالنسيان وفى الخبر " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " (1) وأصحهما ولم يذكر في التهذيب سواه انها تبطل لأنه أمر نادر بخلاف النسيان وصار كما لو أكره على أن يصلى بلا وضوء أو قاعدا تجب عليه الإعادة ولا يكون عذرا ثم جميع هذه الاعذار في الكلام اليسير فاما إذا كثر ففي صورة النسيان وجهان مشهوران (أحدهما) انه لا يبطل الصلاة لأنه لو أبطلها لأبطلها القليل كما في حالة التعمد وبهذا قال أبو إسحاق وأظهرهما عند الجمهور انها تبطل وعليه يدل كلام الشافعي رضي الله عنه في المختصر وذكروا له معنيين أحدهما ان الاحتراز عن الكثير سهل غالبا لان النسيان فيه يبعد ويندر وما يقع نادرا لا يعتد به والثاني انه يقطع نظم الصلاة وهيئتها والقليل يحتمل لقلته ورتبوا على هذه المسألة بطلان الصوم بالاكل الكثير ناسيا ان قلنا لا تبطل الصلاة فالصوم أولي بان لا يبطل وان قلنا ببطلان الصلاة ففي الصوم وجهان مبنيان على المعنيين ان قلنا بالمعني الأول يبطل وان قلنا بالثاني فلا إذ ليس في الصوم أفعال منظومة حتى يفرض انقطاعها وإنما هو انكفاف مجرد واجري صاحب المهذب وغيره هذا الخلاف في حالة الجهل أيضا وكذلك في سبق اللسان: وما الحد الفارق بين القليل والكثير حكى في البيان عن الشيخ أبي حامد ان الكلام اليسير حده الكلمة والكلمتان والثلاث ونحوها وعن ابن الصباغ ان اليسير هو القدر الذي تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذي اليدين وكل واحد منهما للتمثيل أصلح منه للتحديد والأظهر فيه وفى نظائره الرجوع إلى العادة على ما سيأتي إذا عرفت ذلك عرفت أن قوله ولا تبطل بسبق اللسان ولا بكلام الناسي إلى آخره المراد منه الكلام اليسير وإن كان اللفظ مطلقا الا أن يريد الجواب على الوجه المنسوب إلى أبى اسحق فحينئذ لا حاجة إلى التقييد ويحتاج إلى الاعلام بالواو والظاهر أنه ما أراد الا اليسير وقوله ولا بكلام الناسي معلم بالحاء والألف لما قدمنا ولك ان تعلم قوله ولا بكلام الجاهل بالحاء أيضا لان
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست