فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٣ - الصفحة ٢١٤
على ايراد الأول والثالث لكن حكاه الصيدلاني وتابعه امام الحرمين والمصنف على نقله ثم ايراد الكتاب يقتضي أن يكون عدم الاشتراط مطلقا أظهر لأنه قال ولا يضر انحراف الدابة عن القبلة ثم ذكر الوجهين الآخرين والمذهبيون إذا أطلقوا الحكم ثم قالوا وقيل كذا كان إشارة منهم إلى ترجيح الأول الا إذا نصوا على خلافه لكن الذي رجحه معظم الأئمة إنما هو الوجه الثالث وفيه جمع بين الخبر والمعنى كما تقدم ثم ظاهر لفظه في حكاية الوجه الثالث يقتضى الايجاب فيما إذا كان العنان بيده ونفيه في غير هذه الحالة لكن لو كانت الدابة واقفة وسهل الانحراف عليه يلزمه ذلك على هذا الوجه وان لم يكن العنان بيده فكأنه جعل هذا مثالا الصورة سهولة الاستقبال ليلحق به ما هو في معناه ويمكن أن يكون الذي حكاه ثانيا وجها مغايرا الوجه الثالث الذي قدمنا روايته فان الصيدلاني وغيره نقلوا كما نقله المصنف لكن الأول أقرب فان الفرق بين ما إذا كان العنان بيده وبين سائر صور السهولة بعيد وفى لفظ الكتاب شئ آخر يحتاج إلى تأويله وذلك أنه قال ولا يضر انحراف الدابة عن القبلة ومعلوم أنه لا اعتبار بانحراف الدابة واستقبالها وإنما الاعتبار بحال الراكب حتى لو استقبل عند التحرم حصل الغرض وارتفع الخلاف وإن كانت الدابة منحرفة واقفة كانت أو سائرة فإذا المعنى ولا يضر انحرافه على الدابة أو لانحراف الدابة وما أشبه ذلك وفى المسألة وجه رابع وهو أنه لو كانت الدابة متوجهة به عند افتتاح الصلاة أما إلى القبلة أو طريقه تحرم بالصلاة كما هو ولو كانت منحرفة به إلى غيرها لم يجز التحرم إلا إلى القبلة لان تكليف صرف الدابة عن صوب الطريق إذا كانت متوجهة إليه قد يعسر أما عند الانحراف إلى غير القبلة والطريق فلابد من صرفها فيصرفها إلى القبلة أولا ثم إلى الطريق فليس فيه كثير عسر وإذا شرطنا الاستقبال عند التحرم ففي اشتراطه عند السلام وجهان أحدهما يشترط لأنه أحد طرفي الصلاة ولهذا اعتبرنا نية الخروج على رأى اعتبارا بالطرف الأول وأصحهما لا يشترط كما في سائر الأركان وهذا قضية نظم الكتاب لأنه قال لا يضر الانحراف ولم يستثن على بعض الوجوه سوى حالة التحرم وإذا عرفت الخلاف في التحريم والتحلل فاعرف أن فيما عداهما من أركان الصلاة يجعل صوب الطريق بدلا عن القبلة وكذلك عند التحرم والتحلل إذا لم يشترط فيهما الاستقبال وإنما كان كذلك لان المصلي لابد وأن يستمر على جهة واحدة ليجتمع همه ولا يتوزع فكره وجعلت تلك الجهة جهة الكعبة لشرفها فإذا عدل عنها لحاجة السير فليلزم الجهة التي قصدها محافظة على
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست