واستشكل بأن الأصل يقتضي البراءة من الوجوب، ولكنه غير وارد، إذ لا مورد للأصل بعد ظهور الأخبار في الوجوب لأنه دليل حيث لا دليل، وكذا لو قلنا إن الاحرام أمر معنوي وحالة خاصة متحصلة للمحرم باتيان الأفعال المحصلة له، فإذا شك في اعتبار شئ واشتراطه في الاحرام وحصول هذا الأمر المعنوي، يكون شكا في المحصل، والقاعدة في ذلك المورد وأشباهه تقتضي الاشتغال والآتيان بالمشكوك لا البراءة منه، فالتمسك بالبراءة في المقام غير تام.
وما هو المهم في الجواب عن القائل بوجوب ايقاع الاحرام بعد الصلاة كالإسكافي وغيره، إن النصوص الواردة في المسألة وإن كانت ظاهرة في الوجوب وإنه يشترط أن يقع الاحرام بعد الصلاة إلا أن الأصحاب عدا من عرف حسبه ونسبه أجمعوا على أنه غير واجب، بل هو مستحب ومندوب. وهذا الاتفاق مع كون تلك الأخبار بمرأى ومسمع منهم وبين أيديهم تراها أعينهم وتسمعها آذانهم، يوجب الضعف فيها وإن كانت صحيحة، بل كلما ازدادت صحة وقوة ازدادت ضعفا، لاعراض الجهابذة من الفقهاء عنها، وعدم الافتاء بظاهرها. وعلى كل حال ينبغي التعرض لذكر الأخبار والتفقه فيها:
عن الصادق عليه السلام: خمس صلوات لا تترك على حال: