تحقق القذف وهو موجب للحد على القاذف إلا أن يأتي بأربعة شهداء أو تكون هناك شبهة تدرء الحد بها ولم يتحقق أي واحد من هذين الذين يكون أحدهما دارئة للحد بنص القرآن الكريم والآخر بالأخبار الشريفة فلا بد من أن يحد الجميع.
ثم قال: والتفريط وعدمه لا مدخلية له بعد تناول الأدلة، أي إن وقوع التفريط من المردود وعدمه من الباقين لا يؤثر شيئا بعد شمول الاطلاق واقتضائه أن يحد المردود معهم أيضا هذا.
قال بعد ذلك: نعم لو كانوا مستورين ولم تثبت عدالتهم ولا فسقهم فلا حد عليهم للشبهة، وكأنه رحمه الله صار بصدد إرائة مصداق لما ذكره آنفا بقوله:
أو شبهة دارئة للحد، فهذا مثال لها لأنه بعد أن كانوا مستورين ولا يعلم حالهم من العدالة والفسق فإنه يحصل الشبهة وهي تقتضي أن لا يحدوا.
ثم تعرض لخبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فلم يعدلوا قال: يضربون الحد.
وأجاب بأنه ضعيف محتمل لظهور الفسق.
وكل واحد من كلاميه هنا محل الاشكال أما الأول فلأن العدالة التي هي شرط في الشهادة هي العدالة المحرزة، والاطلاقات الدالة على اعتبار أربعة شهود في درء الحد عن القاذف يراد منها أربعة مقبولو الشهادة كما أن الأمر كذلك في سائر الشروط والأوصاف، فإذا لم يكن الشاهد مقبول الشهادة فإنه ترد شهادته، وكون الشك في تحقق الشرط كالعدالة شبهة دارئة مشكل في النظر، وكيف نقول بأنه مع الشك لا تقبل الشهادة ومع ذلك لا يحدون لأجل الشبهة؟
فمطلق الشبهة بأي نحو كانت لا تكون دارئة للحد وإلا فمن أقام شهودا فسقة بظاهر حالهم فإنه يتحقق بذلك الشبهة لاحتمال صدقهم أيضا فهل يدرء بذلك الشبهة الحد؟ وهكذا لو قذف الرامي ولم يأت بشاهد أصلا فإن مجرد قذفه يوجب الشبهة إلا في مورد يكون الأمر الذي قذفه به مقطوع العدم