وجوب التأخير إلى حضورهم إذا توقع إذ لا نظرة في الحدود.
ثم إن ذلك كله فيما إذا لم يكن غيابهم فرارا وإلا سقط الحد للشبهة الطارئة وذلك لأن مقتضى صدقهم في شهادتهم هو حضورهم والاقدام على اجراء الحد لا الفرار عن اجرائه فإن ذلك مما يوهم إن الشاهد غير معتقد بما قد شهد به وإنه كاذب في قوله وإلا لما كان يفر بل كان هو الأولى بالحضور.
نعم يشكل فيما إذا علم أن فراره لم يكن لهذه الجهة بل لجهة أخرى كما إذا كان ضعفه وعدم تحمله في تلك المواقف حمله على أن يترك هذا الموقف.
وكيف كان فيدل على أصل المطلب رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل جاء به رجلان وقالا: إن هذا سرق درعا فجعل الرجل يناشده لما نظر في البينة وجعل يقول: والله لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله ما قطع يدي أبدا قال: ولم؟ قال: يخبره ربه إني برئ فيبرئني ببرائتي فلما رأى مناشدته إياه دعا الشاهدين وقال: اتقيا الله ولا تقطعا يد الرجل ظلما وناشدهما ثم قال: ليقطع أحدكما يده ويمسك الآخر يده فلما تقدما إلى المصطبة ليقطع يده ضرب الناس حتى اختلطوا فلما اختلطوا أرسلا الرجل في غمار الناس حتى اختلطا بالناس فجاء الذي شهدا عليه فقال: يا أمير المؤمنين شهد علي الرجلان ظلما فلما ضرب الناس أرسلاني وفرا ولو كانا صادقين لم يرسلاني فقال أمير المؤمنين عليه السلام من يدلني على هذين انكلهما (1).
والرواية وإن كانت واردة في مورد حد السرقة ولكن الظاهر أنه لا خصوصية له، والملاك متحد فالأمر في حد الزنا أيضا كذلك.
ومما ذكرنا يظهر الحال فيما إذا كانوا حاضرين عند اجراء الحد لكنهم امتنعوا من الشركة في إقامته، فإن ذلك مما يورث الشبهة ويتردد الانسان في