فهل يمكن أن يقال بدرء الحد بالشبهة فلا يحد القاذف؟ ولو كان الأمر كذلك فلا مورد لحد القذف إلا في موارد نادرة ويؤل الأمر إلى اختصاص الحد بما إذا أقيمت الشهادة العادلة فيحد المشهود عليه وأما في غير ذلك فلا حد مطلقا لا بالنسبة إلى المشهود عليه ولا القاذفين وذلك للشبهة، فاتضح أن اللازم هو احراز الشرط فيحكم بحسب الشهادة، ولو لم يحرز ذلك فهو بعينه كما إذا علم بعدم تحقق الشرط ولازم ذلك أن يحد القاذف.
وأما الثاني فنقول: إن الرواية على مقتضى القاعدة فإنه إذا لم يتحقق التعديل لهم لا بد من أن تطرح شهادتهم ويحدون فلا وجه لرفع اليد عن مقتضاها والحال هذه.
وقد ظهر بما ذكرنا ضعف ما قاله بعد ذلك أيضا وهو قوله: فالمتجه في الفرض حينئذ عدم ثبوت الزنا فيتوقف الحكم إلى أن يظهر حالهم فإما أن يحدهم أو المشهود عليه وقبل ذلك يدرأ الحد عنه وعنهم انتهى.
فإن مقتضى ما تقدم منا أنهم يحدون حد القذف، هذا مضافا إلى أنه لا وجه لتوقف الحكم بعد أن لا نظرة في الحد ولا تأخير أصلا فإما أن يكون الشهود مقبولة فيحكم على المشهود عليه وإلا فيحكم بقذفهم وحدهم.
والتحقيق أنه لا شك في أن الاتيان بأربعة شهود المعتبر بنص الآية الكريمة الذي به يدفع الحد عن الرامي لا يراد به الاتيان بأربعة كيف ما كانت بل المعتبر هو الأربعة المقبولة المرضية وهي الأربعة العادلة إلا أن الكلام في أنه هل المعتبر هو العادل الحقيقي أو العادل بنظره والمقبول في علمه؟ فعلى الأول فهو لم يأت بما هو المعتبر لأن بعضا من هذه الشهود مردود شهادته في الواقع وعند الحاكم بخلاف ما لو كان الملاك هو الثاني فإن الشرط موجود وهو العدالة بنظره وعنده، والظاهر هو الثاني وذلك لأنه لو كان الملاك هو العادل الواقعي فهذا يتوقف على علمه بالغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله.. ويكون كالأمر بالمحال، فمن أين يوجد أربعة كانوا عدولا في الواقع وثانيا أنه يلزم من ذلك سد باب الشهادة فلو كان الملاك هو العدالة في الواقع والتي تكون مقبولة عند