ومنها ما قد جمع بينهما بحسب صدر الرواية وذيلها وذلك كرواية ابن ميثم ففيها: لا يقيم الحد من لله عليه حد، فإن ظاهر هذه الجملة هو الاطلاق وكفاية مجرد كون الحد عليه أي حد كان فلا يعتبر المثلية، إلا أن فيها بعد ذلك بلا فاصلة: فمن كان لله عليه مثل ما له عليها فلا يقيم عليها الحد (1)، وهذه العبارة ظاهرة في اعتبار المثلية.
ولكن التحقيق أنه لا اعتبار بالمثلية وإنما المعتبر هو كون حد عليه وذلك لأمرين: أحدهما مناسبة الحكم والموضوع فإنها تقتضي إن من كان عليه حد من حدود الله فلا يشارك الناس في رجم أحد.
وثانيهما ملاحظة التفريع الذي ورد في هذه الرواية فإن التفريع لا يناسب إلا إذا كان المفرع من أفراد المفرع عليه واحد مصاديقه فلو كان الثاني عين الأول فلا معنى لتفريعه عليه وهو بعيد عن نطاق البلاغة، وإذا كان الثاني متفرعا على الأول فلا محالة يفيد إن من كان عليه مثل هذا الحد فلا يرجم ومن كان عليه حد مطلقا فلا يرجم أيضا، وعلى هذا فهذه الرواية التي ظهر المراد منها ببركة فاء التفريع تفسر ما دل منها على اعتبار خصوص المثلية ويفهم منها أنه ليس الملاك ذلك وإنما الملاك تعلق حد من حدود الله تعالى به.
لا يقال: لعل ذيل رواية ابن ميثم يكون مفسرا لصدره لا أن يكون تفريعا عليه، وحينئذ يكون الملاك هو خصوص الحد المماثل.
لأنا نقول: إنه خلاف ظاهر لفظ الفاء ولا يلائم البلاغة وإنما الظاهر منه التفريع.
وهل الحكم يجري فيما إذا كان قد تاب إلى الله تعالى، أو أنه إذا تاب فليس عليه حد ويجوز له أن يرجم؟
المختار عندهم هو الثاني ويؤيد ذلك أو يدل عليه ما ذكروه من أنه لو لم يجز على من كان عليه الحد مع أنه قد تاب، أن يرجم فلعله لا يوجد من يرجم فإنه قلما يوجد من لم يكن عليه حد أصلا بخلاف ما إذا قلنا بقبول التوبة