فإنه وإن كان قد تعلق عليه الحد لكن التوبة فيما بينه وبين الله قد طهرته، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وهذا يسهل الخطب، وبه يمكن اقدام كثيرين على رجم من وجب رجمه والمستفاد من أدلة التوبة إنه بعد ما تاب فليس عليه شئ ولا عليه حق ودين من الله كي لا يمكنه الاقدام على الرجم.
قال في الجواهر: وظاهر النص والفتوى سقوط الحد بالتوبة قبل ثبوته عند الحاكم فيتجه حينئذ ما سمعته من ابن إدريس.
أقول: وما ذكره ابن إدريس هو ما حكاه عنه آنفا بقوله: وفي السرائر:
وروى أنه لا يرجمه إلا من ليس لله سبحانه في جنبه حد، وهذا غير متعذر لأنه يتوب في ما بينه وبين الله تعالى ثم يرميه انتهى.
نعم يشكل الأمر على هذا بلحاظ ما ورد في رواية ابن ميثم حيث قال في آخره: فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام فأقام هؤلاء الثلاثة عليها الحد يومئذ وما معهم غيرهم الخ (1).
لأنه إذا كانت التوبة كافية في رفع الحكم الحد فلماذا لم يتوسلوا بالتوبة؟ وكيف يمكن أن يقال بأن هذه الجماعة كلهم كانوا قد ارتكبوا موجب الحد ومع ذلك فلم يتوبوا حتى في هذه الساعة ورجعوا؟
ولذا قال صاحب الرياض: وربما يظهر من الصحيحة الأولى ونحوها مما تضمن انصراف الناس بأجمعهم بعد ما قيل لهم ذلك ما خلا أمير المؤمنين والحسنين عليهم السلام عدم الفرق فإن من البعيد جدا أن جميعهم لم يتوبوا من ذنوبهم ذلك الوقت انتهى (2).
وفي الجواهر بعد ايراد هذا الاشكال: ويمكن أن يكون لعدم علمهم بالحكم انتهى.
أقول: ويحتمل أنهم كانوا في ذاك الوقت غافلين عن التوبة، وأمثال ذلك من التوجيهات.