وأما الموضع الرابع أي البحث في أنه يغتسل ثلاثا أو واحدة فهو محل الكلام كما تقدم. وقد يستظهر من عبارة المفيد المذكورة آنفا أنه غسل واحد وذلك لأنه قال: يغتسل كما يغتسل من جنابته انتهى فإن من المعلوم أن غسل الجنابة غسل واحد لا أزيد.
نعم يمكن أن يحمل كلامه على أن غسل هذا كغسل الجنابة في الترتيب والكيفية ولا ظهور كامل له في تشبيهه بغسل الجنابة في عدم التعدد والتكرار وإن كان هذا الحمل بعيدا وذلك لظهوره في المثلية مطلقا لا في خصوص الترتيب وكيفية الايقاع فتشمل جهة الوحدة وعدم التعدد أيضا.
ثم إن ممن أنكر اعتبار الثلاثة هو الفقيه الهمداني رضوان الله عليه وقد بالغ وأكد على ذلك قال بعد كلام له: وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أن المراد في النص والفتاوى ليس إلا الغسل بالماء القراح دون الغسل مع مزج الخليطين إذ من المستبعد جدا بل المحال عادة في خصوص الفتاوى أن يكون المقصود بالغسل الأغسال الثلاثة من دون إشارة إليها مع أنه لا ينسبق إلى الذهن من أمر الحي بالغسل كما وقع في عبائرهم إلا الغسل بالماء القراح فكيف يجوز في مثل الفرض الاهمال في بيان المقصود اتكالا على ظهور العبارة في إرادة غسل الميت مع أنه على تقدير تسليم الظهور لا دلالة فيها على إرادة الأغسال الثلاثة لاحتمال اختصاص الغسل بالممزوج، بالميت، لخصوصية فيه، وكون الغسل الحقيقي المؤثر في رفع حدثه هو الغسل بالماء القراح فاستظهار اعتبار التثليث من اطلاق النص وفتاوى الأصحاب كما زعمه غير واحد من المتأخرين غير سديد فالأظهر كفاية الغسل الواحد بالماء القراح وإن كان الثلاث أحوط خروجا من شبهة الخلاف انتهى.
ولقد أجاد فيما أفاد من عدم ذكر عن التعدد ولا الخليطين في النصوص والفتاوى، وهذا يقوى في الذهن عدم اعتبارهما أصلا خصوصا بلحاظ ذكر الحنوط والكفن في العبائر وعلى هذا فلا يعتبر التعدد ولا الخليطان على ما هو المنساق إلى الأذهان من غسل واحد بالنسبة إلى الحي.