وفيه أن الجلد وإن كان أخف من الرجم، إلا أن هذا بنفسه يقتضي أن لا تكون أولوية أصلا لأن في الرجم تلف النفس وزهوق الروح بخلاف الجلد فإنه مجرد ايلام وايذاء ومن المعلوم أن حفظ النفس مما اهتم به الشارع كثيرا كما يشهد بذلك لزوم الاحتياط في الشبهات في باب الدماء إلى أن يتحقق ويثبت المبرر للقتل فلو كانت التوبة موجبة لجواز العفو عن الرجم فهذا لا يلازم جواز العفو عن الجلد أيضا فضلا عن أن يكون ذلك أولى بعد ما نعلم باهتمام الشارع في حفظ الدماء المحترمة والنفوس المصونة بما لم يهتم بشئ سواه.
نعم النصوص الواردة المنجبرة بالعمل تدل على العموم.
فمنها خبر ضريس الكناني عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يعفى عن الحدود التي لله دون الإمام، فأما ما كان من حق الناس في حد فلا بأس بأن يعفى عنه دون الإمام (1).
فإن المفهوم من صدره هو أن للإمام العفو عن حدود الله تعالى وأنه مختص به.
ومنها ما عن أبي عبد الله البرقي عن بعض أصحابه عن بعض الصادقين عليهم السلام قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأقر بالسرقة فقال له:
أتقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم سورة البقرة، قال: قد وهبت يدك لسورة البقرة