ومن الواضح أنه على التقدير المذكور قد صار الثمن ملكا للبايع فعلا من غير أن يكون المبدل أي المبيع داخلا في ملكه، ولا شبهة أن هذا خارج عن مفهوم المبادلة المفروض حصولها بالفعل فلا يكون مشمولا لمفهوم المبادلة كما هو واضح.
وأيضا يحكم ببطلانه من جهة عدم صدق البيع عليه، سواء قلنا ببطلان التعليق أم لا.
وقد يقال: إن معنى البيع النسيئة عبارة عن كون الانشاء فعليا و المملوك متأخرا كالواجب المعلق، وكبعض أقسام الإجارة كما إذا آجر الدار المعهودة فعلا بعد عشرة أيام، ففي المقام أن البايع يملك المشتري ماله بعنوان أن يكون الانشاء حاليا وكذلك المنشأ ولكن المملوك يكون متأخرا كما في الإجارة حيث إن المؤجر الآن يؤجر الدار المعينة بعد شهر فإنه بذلك يملك منفعتها من الآن ملكية فعلية ولكن المملوك متأخر، وكذلك في المقام.
وهذا وإن كان معقولا في الإجارة ولكنه غير معقول في البيع، بداهة أن الإجارة تمليك المنفعة، وهي من الأعراض، والأعراض تقدر بالزمان، ولكن البيع ليس كذلك فإنه تمليك الأعيان فهي لا تقدر بالزمان، فإن حنطة اليوم مثلا هي عين هذه الحنطة بعد عشرة أيام وهكذا.
وعليه فلا معنى أن يملك البايع للمشتري حنطة الشهر الآتي بحيث تكون هذه الحصة من الحنطة مبيعا كما هو واضح.
وعلى الجملة لا يعقل بيع الأعيان فعلا وتمليكها بالملكية الفعلية بعد مدة، نظير تمليك الدار المعينة فعلا لشخص بعد مدة بحيث يكون مملوك المشتري متأخرا وذلك لما عرفت، فافهم.
بل المناط في النسيئة هو كون كل من العوضين للآخر بالفعل وتكون