وثالثا: بعد الغض عما تقدم أن المعتبر من العلم بمقدار الثمن والمثمن هو العلم بمقدار مجموعها، ولا يعتبر العلم بقيمة كل جزء جزء من المبيع، بل العلم بقيمة مجموع المال كاف في صحته، وليكن حال الشرط كالجزء.
فكما إذا باع مال نفسه ومال غيره بثمن واحد صفقة واحدة، ثم ظهر أن نصفه للغير لا يكون المعاملة الواقع على مال نفسه باطلة مع عدم العلم بما يقع في مقابله من الثمن، فكذلك المقام، أو إذا باع خمرا وخلا بقيمة أو شاة وخنزيرا يقع المعاملة في الخل والشاة صحيحة بما يخصهما من الثمن، مع عدم معرفتهما لما يخصهما من المال، فكذا نقول فيما نحن فيه أن العلم بقيمة مجموع المبيع والشرط يكفي في صحة المعاملة، ولا يشترط في صحتها معرفة ما يخص المبيع من الثمن.
2 - الوجه الثاني الذي هو المهم في المقام هو أن التراضي المعتبر في المعاملات معلق على المعاملة مع الاشتراط ولا يرض البايع بالمعاملة المجردة عن الشرط، فإن المقيد ينتفي بانتفاء قيدة فيكون العقد الواقع على ذات المبيع من التجارة لا عن تراض وهو باطل، لقوله عز من قائل:
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض (1).
والجواب عن ذلك يظهر مما أشرنا إليه سابقا، وحاصله أن الرضا المعاملي عند الانشاء لم يعلق على وجود الشرط في الخارج، وإلا لكانت المعاملة باطلة، لأنه من التعليق المبطل، ولو فرضنا صحة التعليق أيضا تكون المعاملة باطلة فيما نحن فيه، لعدم حصول ما علق عليه على الفرض والمعلق ينتفي عند عدم المعلق عليه لا محالة، وهذا من غير فرق بين الشروط الصحيحة والفاسدة، ولازمه بطلان العقود والايقاعات