كما إذا باع مال غيره اشتباها أو بتخيل أنه له، فإن القصد في أمثال ذلك أنما تعلق بالمبادلة بين المالين بحيث يكون العوض داخلا مكان المعوض وبالعكس، غاية الأمر أن الخطأ وقع في تطبيق المالك على غير المالك.
نعم هذا يجري في بيع الغاصب، حيث إنه نزل نفسه ادعاء منزلة المالك وجعل نفسه من مصاديق ذلك، فإن المبادلة إنما وقع بين المالين بحيث يكون العوض داخلا في ملك طبيعي المالك وبالعكس، والخصوصيات الشخصية المالكية خارجة عن حقيقة المبادلة، وإذا باع شخص مال غيره كما في الغاصب بدعوى أنه هو المالك نظير دعوى الحقيقة الادعائية في المجاز على ما سلكه السكاكي، فقد حصلت المبادلة بين المالين حقيقة.
وأما إذا لم يكن كذلك ولا أن يكون البيع مستندا إلى الاشتباه ولا إلى التخيل بل مع العلم بأن المال مال الغير يبيع ذلك ليكون المعوض خارجا من كيس مالكه ويدخل العوض داخلا بكيس نفسه البايع دون المالك، فقد عرفت في تعريف البيع أنه خارج عن حقيقة المبايعة والمبادلة.
وبالجملة أن الخصوصيات المالكية لا تضر بحقيقة المعاملة إذا لم توجب التزلزل في حقيقة المبادلة، وإلا فلا بد من اعتبارها على النحو الذي عرفت.
لا يقال: إن من باع مال غيره لنفسه وإن لم يدعي كون نفسه مالكا تنزيليا ومن مصاديق طبيعي المالك إلا باعتبار كونه مالكا بعد مدة إما بالقهر أو بالاختيار يكون مالكا بالفعل وحين العقد أيضا بالمجاز المشارفة.
فإنه يقال: إن المجاز المشارفة لا يوجب تحقق البيع حقيقة وإنما يوجب كونه مالكا مجازا وما صدر منه بيعا مجازا، ولا يقاس ذلك بالادعائي، فإنه يوجب تحقق البيع حقيقة.