فبالنسبة إلى أصل اعتبار العدد في المعدود قد تقدم الكلام فيه، وقلنا:
إن صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) يدل على ذلك، حيث سأل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد، قال (عليه السلام): لا بأس به (1).
فإن الظاهر منها أن اعتبار العدد في المعدود مفروغ عنه، وإنما سأل السائل عن كون الكيل طريقا إليه، أو أنه لا يكال بل للعد موضوعية في المعدود.
وأيضا يدل بالتقرير على جواز كيل المعدود وبيعه ووزنه، وليس للعد موضوعية في ذلك، وهذا لا اشكال فيه أيضا.
ولكن بقي في الرواية شئ، وهو أن التقرير لكفاية الكيل عن العد وإن كان مسلما، ولكن الظاهر من الرواية اختصاصه بصورة الاضطرار، حيث سأل السائل عن ذلك عند عدم الاستطاعة، فلا يجوز في غير حال الضرورة.
وفيه أن الرواية وتقريره (عليه السلام) غير متوجه إلى فرض القدرة من العدد، فإنه ليس مفروض السائل، فإنه مع التمكن لم يكن له داع لبيع المعدود بالكيل، بل كان يبيعه بالعد، ولذا سأل عن صورة عدم القدرة، وهذا لا يدل على أن بيع المعدود بالكيل أو الوزن لا يجوز بل يجوز مع كونه طريقا إليه كما هو واضح، للعلم بأن الكيل والوزن والعد ليس لها موضوعية، بحيث لو أخبر المعصوم (عليه السلام) به أو قامت البينة على التعيين أو علما بالحدس القوي لكان باطلا، وعلى هذا فنتمسك بالعمومات في غير ما لم يثبت فيه قيد خاص.