فنقول: أما القول بالجواز مطلقا، نسب إلى الشهيد في سلم الدروس، واستدل عليه برواية وهب عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن علي (عليه السلام) قال:
لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال وما يكال فيما يوزن (1).
وفيه أولا: إن الرواية ضعيفة السند.
وثانيا: ما ذكره المصنف، وتبعه شيخنا الأستاذ (2)، من كون الرواية راجعة إلى جعل ثمن المكيل موزونا وثمن الموزون مكيلا، لا إلى جريان كل منها في الآخر فلا يكون مدركا للجواز.
ثم إنه لا شبهة في أن لكل من الوزن والكيل دخلا في مالية الأشياء المكيلة أو الموزونة، وأن يختلف قيمة الأشياء باختلاف الوزن والكيل، وعليه فإذا كان لحجم الشئ دخل في المالية لا يكفي الوزن عن الكيل، بل لا يعلم به أن ما يكون ماليته بالكيل أي مقدار، مثلا لو كان بيع الأجر بالكيل فيعلم أن المقدار الفلاني من الأجر له مالية كذا ولكن إذا وزن ولم يعلم أنه أي مقدار من الوزن يساوي بذلك المقدار حتى يعلم أن له هذا المقدار من المالية، وهذه الكبرى الكلية مستفادة من الأخبار الواردة في اعتبار الكيل والوزن.
وربما يقال بجواز بيع كل منهما بالآخر، لقوله (عليه السلام): وما كان من طعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصلح مجازفة (3)، فإن بيع الكيل بالوزن ليس من بيع الجزاف لكون الوزن طريقا إليه بل هو الأصل في تقدير الوزان.
وفيه قد عرفت أن للكيل والوزن دخلا في مالية الأشياء، فما كانت ماليته بالكيل لا يجوز بيعه بالوزن، لعدم ارتفاع الجهالة به كما عرفت.