بطريق أولى إذا تعذر التسليم فيه لعدم النفع له، فيكون الروايتان دليلا على اعتبار القدرة على التسليم في البيع وغيره من العقود المعاوضية، كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق من التكلم في دليل الشرط.
وبالجملة فدليل اعتبار القدرة على التسليم هو النص الوارد في عدم جواز بيع العبد الآبق منفردا، فإنه يدل على عدم الجواز في غيره بدون الضميمة بالأولوية، وأما مع الضميمة فبمقتضى قوله (عليه السلام): فإن لم يقدر كان ما نقده فيما اشترى معه جائزا، فإن المستفاد من ذلك أن المال لا يذهب في كل مورد كان بيع غير المقدور مع الضميمة، وأن ذلك حكم بعنوان القضية الحقيقية، وإن كان الثمن صالحا في مقابل الضميمة حكم كلي.
وعليه فنتعدى بذلك إلى الصلح وجميع العقود المعاوضية عليه، بل نتعدى بجواز بيع غير الآبق مع الضميمة وما لا يقدر على تسليمه كالفرس الشارد والإبل الشارد كما عرفت.
ومع الغض عن شمول الرواية على ذلك، فقد عرفت أنه لا دليل على اعتبار القدرة على التسليم إلا الفحوى من روايتين بيع العبد الآبق مع الضميمة، ومن الواضح أن الفحوى يجري في صورة الانفراد لا مع الضميمة، وأما فيه فيتمسك بالعمومات كما لا يخفى.
ولكن لم يلتزموا المشهور بجواز بيع غير العبد الآبق من موارد عدم القدرة على التسليم مع الضميمة، حتى صرحوا بعدم جواز بيع الفرس الشارد مع الضميمة، والوجه في ذلك دعوى الاجماع بل النص كما تقدم من نفي الغرر من المشهور على بطلان بيع ما لا يقدر على تسليمه.
ولكن مجرد عدم التزامهم بذلك لا يوجب الوهن، بعد ما ساعدنا الدليل على الحكم بالجواز في غير الآبق أيضا مع الضميمة، لشمول العمومات عليه.