وعلى هذا فلا يفيد جريان الاستصحاب إذا كان الحالة السابقة هي القدرة، بحيث يحرز به وجود القدرة وكان يلغي به احتمال عدم القدرة على التسليم، كما يلغي به احتمال الخلاف في سائر الموارد، بحيث كان الشارع يقول الغي احتمال الخلاف، وذلك من جهة أن المستصحب عبارة عن القدرة السابقة، والخطر إنما يتحقق بمجرد احتمال عدم القدرة على التسليم وخوف عدم وصول العوضين إلى المتبايعين، ومن الواضح جدا أن استصحاب القدرة لا يثبت وصول العوضين بيد المتبايعين، ولا يلغي احتمال عدم القدرة على التسليم الذي موجود بالفعل وجدانا إلا على القول بالأصل المثبت وبالملازمة العقلية، فهو كما تري.
نعم لو قامت البينة على ذلك وأن كل منهما قادرين على التسليم فيرتفع بها احتمال عدم القدرة على التسليم تعبدا لكونها من الأمارات، فهي كما تتكفل على اثبات المعنى المطابقي فكذلك تتكفل أيضا على اثبات اللوازم كما حقق في محله.
ودعوى أن الوصف النفساني أعني احتمال عدم القدرة على التسليم الذي به قوام الغرر موجود في المتبايعين تكوينا والإمارة لا يرفعه، فلا يفرق فيما ذكر بين الأمارة والاستصحاب، فإنها دعوى جزافية، فإن الأمارة وإن لم ترفعها تكوينا ولكن ترفعها تشريعا وتعبدا، فهل يتوهم أحد أنه مع قيام الأمارة أن موضوع البراءة هو الشك فتجري في مقابلها فإن ما نحن فيه أيضا نظير ذلك، فإن كلها ناظرة إلى الأحكام الظاهرية دون الواقعية.
وبالجملة مع كون دليل الشرط هو النبوي فلا نعقل موردا للشبهة المصداقية بوجه من الوجوه كما لا يخفى.