وأما حكام الشرع، فإن استندنا في ولايتهم إلى مثل التوقيع المتقدم:
وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا، جازت المزاحمة لكل منهم عن تصرف الآخر قبل تصرفه، إذ الخطاب فيه مختص بالعوام فلا يجوز لهم مزاحمة الفقيه في تصرفاته، وأما الفقهاء فكل منهم حجة يجوز أن يتصرف في مال المولى عليه.
أما لو استندنا فيها إلى عمومات النيابة وتنزيل الفقيه منزلة الإمام (عليه السلام)، فالظاهر عدم جواز مزاحمة الفقيه الذي وضع يده عليه، إذ دخوله عليه كدخول الإمام عليه فلا يجوز مزاحمة الإمام (عليه السلام) فيما يريد الاقدام عليه.
على أنه يلزم من جواز المزاحمة اختلال النظام سيما في مثل هذا الزمان الذي شاع فيه القيام بوظائف الحكام ممن يدعي الحكومة.
ويرد على الثاني أولا: أنه لا دليل على النيابة كما تقدم حتى يقال: إن مقتضاه هو تنزيل الفقيه منزلة الإمام (عليه السلام) فلا يجوز مزاحمته، وإنما الولاية ثبت لهم ولغيرهم من المؤمنين على تقدير فقدانهم بمقتضى الأصل، وإلا فليس هنا دليل لفظي يؤخذ بعمومه.
وثانيا: أنه على تقدير وجود الدليل اللفظي فعمومه يقتضي ثبوت الولاية لكل فقيه في عرض ولاية الآخر، وكون كل منهم نازلا منزلة الإمام (عليه السلام)، فلا يلزم من تصرف الثاني مزاحمة الإمام أو من هو في منزلته، إذن فيجوز لكل منهم مزاحمة الآخر بل التصرف فيما تصرف فيه الآخر بالفسخ ونحوه إذا كان تصرف الأول بمثل بيع الخياري.
وأما كونه مستلزما لاختلال النظام من جهة كثرة المدعين لذلك، ففيه أن المدعي لذلك أن كان على وجه صحيح فلا يلزم فيه اختلال النظام، فإن أحدهم يرى مصلحة فيبيع مال اليتيم والآخر يرى مصلحة فيفسخ،