إذن فلا بد من ملاحظة أن الفعل الصادر من المسبب على نحو يستند إلى السبب أو لا، فإن كان مستندا إلى السبب سواء كان مع ذلك لفاعل الفعل اختيار أم لا، وسواء كان التسبيب أمرا شرعيا أم لا فيحكم بالضمان، مثلا إذا أمر صبيا ليفتح بابا فإذا فتح يطير الطير الموجودة في الدار أو أمره بقتل أحد، وهكذا المجنون والسكران، فإن الفعل في أمثال ذلك يستند إلى السبب، بل الخطابات الأولية أيضا تكون متوجهة عليه، كما تقدم في بحث المكاسب المحرمة.
ومن هذا القبيل حفر البئر ليقع به أحد فوقع ومات، أو نصب سكينا في قعر البئر فقتله السكين، أو غير ذلك من الموارد التي يستند الفعل إلى السبب حقيقة، وإن كان للواسطة اختيار كالصبي.
ومن هذا القبيل ما يكون التسبيب شرعيا، كما إذا شهد بالشهادة الزور فأوجب ذلك غرامة المشهود عليه ثم رجع في شهادته، فإنه تكون الغرامة على الشاهد لكونه سببا في غرامة المشهود عليه.
وأما في غير تلك الموارد بحيث لا يكون تسبيب في البين فلا يضمن السبب بشئ لكونه داعيا محضا في صدور الفعل من الفاعل، وإنما الفاعل فعل ذلك بقدرته واختياره فيكون الضمان عليه.
3 - بقاعدة الغرور، بأن المغرور يرجع إلى من غر، وهذه القاعدة وإن كان لم يبعد أن تكون رواية نبوية ولكنها غير منجبرة بعمل المشهور حتى مع الغمض عن الكبرى الكلية، بأن الشهرة لا تكون جابرة لضعف السند، وذلك لخصوصية فيها التي تمنع عن الانجبار، وهي أن المشهور لم يمكن أن يستندوا في عملهم وفتاواهم هنا بالضمان لأجل التسبيب وقاعدة الضرر أو الروايات الخاصة.
وعليه فلا ينجبر ضعفها بالشهرة، بل نجزم بأن المشهور لم يستندوا