ويدل على ما ذكرناه جريان السيرة القطعية على معاملة المصاحف معاملة بقية الأموال.
وتدل على ذلك أيضا الروايات (1) الدالة على أن المصحف من الحبوة ينتقل إلى الولد الأكبر بموت الوالد، وإذا لم يكن للميت ولد أكبر ينتقل إلى سائر الورثة، فلو لم يكن المصحف مملوكا أو لم يكن قابلا للانتقال لم تصح الأحكام المذكورة.
ويدل على ما ذكرناه أيضا أنه لو أتلف أحد مصحف غيره أو أحدث فيه نقصا ضمن ذلك لصاحبه، ومن الواضح أنه لو لم يكن مملوكا فإنه لا وجه للحكم بالضمان.
ومما تقدم يظهر ضعف ما قاله المحقق الإيرواني، من أن مورد الأخبار المانعة هو البيع، ويمكن جعلها كناية عن مطلق النواقل الاختيارية، بل إشارة إلى عدم قبوله للنقل ولو بالأسباب الغير الاختيارية كالإرث.
ثم إنه على القول بحرمة بيع المصحف أو بكراهته فلا يجري ذلك في مبادلة مصحف بمصحف آخر، لانصراف أدلة المنع عن هذه الصورة كما ذكره السيد (رحمه الله)، لامكان منعه باطلاق الأدلة على أنه لا منشأ للانصراف المذكور، بل لما عرفت سابقا، من أن المنع عن بيع القرآن إنما هو لعظمته وأنه يفوت عن الانسان متاع ثمين بإزاء ثمن بخس، فإذا كانت المبادلة بين المصحفين لم يجر ذلك المحذور موضوعا.
ثم إنه لا ملازمة بين بيع المصحف وبين أخذ الأجرة على كتابته،