فساد المعاملة عليها الأدلة الدالة على تحريمها، لأن مقتضى وجوب الوفاء بالعقود هو وجوب الوفاء بالعقد الواقع على الأعمال المحرمة، ومقتضى أدلة تحريم تلك الأعمال هو وجوب صرف النفس عنها وايقاف الحركة نحوها، فاجتماعهما في مرحلة الامتثال من المستحيلات العقلية.
وعلى أقل التقادير فإن أدلة صحة العقود ووجوب الوفاء بها مختصة بحكم العرف بما إذا كان العمل سائغا في نفسه، فلا وجه لرفع اليد بها عن دليل حرمة العمل في نفسه.
وبما ذكرنا يظهر أن الوجه في فساد المعاملة على الأعمال المحرمة هو استحالة الجمع بين وجوب الوفاء بهذه المعاملة وبين حرمة هذه الأعمال أو الحكومة العرفية المذكورة.
وربما يظهر من كلام شيخنا الأستاذ في حكم الأجرة على الواجبات أن الوجه في ذلك هو عدم كون الأعمال المحرمة من الأموال أو عدم امكان تسليمها شرعا، حيث قال: الأول أن يكون العمل الذي يأخذ الأجير أو العامل بإزائه الأجرة والجعل ملكا له، بأن لا يكون مسلوب الاختيار بايجاب أو تحريم شرعي عليه (1).
وبملاحظة ما تقدم يظهر لك ما فيه، فإنك قد عرفت أن صحة المعاملة عليها ووجوب الوفاء بها لا يجتمعان مع الحرمة النفسية، سواء اعتبرنا المالية أو القدرة على التسليم في صحة العقد أم لم نعتبر شيئا من ذلك.