الفرج منه، كما في رواية العياشي (1).
وأما الرعاية فاستحبابها لما فيها من استكمال النفس وتحصيل الأخلاق الحسنة وتمرين الطبع على إدارة شؤون الرعية وإزالة الأوصاف الرذيلة من السبعية والبهيمية، فإن من صرف برهة من الزمان في تربية الحيوان صار قابلا لإدارة الانسان.
ومن هنا كان الأنبياء قبل بعثتهم رعاة للأغنام، كما في رواية عقبة المتقدمة: ما بعث الله نبيا قط حتى يسترعيه الغنم ويعلمه بذلك رعية الناس، وفي النبوي المتقدم: ما من نبي إلا وقد رعي الغنم، قيل:
وأنت يا رسول الله، قال: وأنا.
وعلى كل حال فالزراعة والرعي مستحبان في أنفسهما بما أنها فعلان صادران من المكلف لا بعنوان التكسب بهما كما هو محل الكلام، فلا يصلحان مثلا لما نحن فيه.
وأما الصناعات بجميع أقسامها فهي من الأمور المباحة ولا تتصف بحسب أنفسها بالاستحباب فضلا عن الوجوب، فلا يكون التكسب بها إلا مباحا، نعم إنما يطرء عليها الوجوب إذا كان تركها يوجب اخلالا بالنظام، وحينئذ يكون التصدي لها واجبا كفائيا أو عينيا، وهذا غير كونها واجبة بعنوان التكسب.
إزالة شبهة:
قد يقال: إن وجوب الصناعات من جهة أداء تركها إن اختلال النظام يقتضي أن يكون التكسب بها مجانيا، ولكن هذا يفضي إلى الاخلال