كتاب المشاعر - صدر الدين محمد الشيرازي - الصفحة ١٠٣
المشعر الثامن في أن الوجود بالحقيقة هو الواحد الحق تعالى وكل ما سواه بما هو مأخوذ بنفسه هالك دون وجهه الكريم (115) لما علمت أن الماهيات لا تأصل لها في الكون وأن الجاعل التام بنفس وجوده جاعل وأن المجعول ليس إلا نحوا من الوجود وأنه بنفسه مجعول لا بصفة زائدة وإلا لكان المجعول بتلك الصفة فالمجعول مجعول بالذات بمعنى أن ذاته وكونه مجعولا شيء واحد من غير تغاير حيثية كما أن الجاعل جاعل بالذات بالمعنى المذكور.
فإذن ثبت وتقرر ما ذكرناه من كون العلة علة بذاتها والمعلول معلولا بذاته بالمعنى المذكور بعد ما تقرر أن الجاعلية والمجعولية إنما يكونان بين الوجودات لا بين الماهيات لأنها أمور ذهنية تنتزع بنحو من أنحاء الوجودات.
(116) فثبت وتحقق أن المسمى بالمجعول ليس بالحقيقة هوية مباينة لهوية علته الموجدة إياه ولا يمكن للعقل أن يشير إشارة حضورية إلى معلول منفصل الهوية عن هوية موجده حتى يكون عنده هويتان مستقلتان في الإشارة العقلية إحداهما مفيضة والأخرى مستفيضة. نعم له أن يتصور ماهية المعلول شيئا غير العلة وقد علمت أن المعلول بالحقيقة ليس ماهية المعلول بل وجوده. فظهر أن وجود المعلول في حد نفسه ناقص الهوية مرتبط الذات بموجده تعلقي الكون به. فكل وجود سوى الواحد الحق تعالى لمعة من لمعات ذاته ووجه من وجوهه. وإن لجميع الموجودات أصلا واحدا هو محقق الحقائق ومشيئ الأشياء ومذوت الذوات. فهو الحقيقة والباقي شؤونه.
وهو النور والباقي سطوعه. وهو الأصل وما عداه ظهوراته
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 107 108 109 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف 51
2 الفاتحة في تحقيق مفهم لوجود وأحكامه وإثبات حقيقته وأحواله 55
3 المشعر الأول: في بيان أنه غني عن التعريف 57
4 المشعر الثاني: في كيفية شموله للأشياء 59
5 المشعر الثالث: في تحقيق الوجود عينا 60
6 المشعر الرابع: في دفع شكوك أوردت على عينية الوجود 68
7 المشعر الخامس: في كيفية اتصاف الماهية بالوجود 75
8 المشعر السادس: في أن تخصيص أفراد الوجود وهوياتها بماذا على سبيل الإجمال 80
9 المشعر السابع: في أن الأمر المجعول بالذات من الجاعل والفائض من العلة هو الوجود دون الماهية 84
10 المشعر الثامن: في كيفية الجعل والإفاضة وإثبات البارئ الأول وأن الجاعل الفياض واحد لا تعدد فيه ولا شريك له 90
11 المشعر الأول: في نسبة المجعول المبدع إلى الجاعل 90
12 المشعر الثاني: في مبدأ الموجودات وصفاته وآثاره 91
13 المنهج الأول: في وجوده تعالى ووحدته 93
14 المشعر الأول: في إثبات الواجب - جل ذكره - وفي أن سلسلة الوجودات المجعولة يجب أن تنتهي إلى واجب الوجود 95
15 المشعر الثاني: في أن واجب الوجود غير متناهي الشدة والقوة وأن ما سواه متناه محدود 96
16 المشعر الثالث: في توحيده تعالى 97
17 المشعر الرابع: في أنه المبدأ والغاية في جميع الأشياء 98
18 المشعر الخامس: في أن واجب الوجود تمام كل شئ 99
19 المشعر السادس: في أن واجب الوجود مرجع كل الأمور 100
20 المشعر الثامن: في أن الوجود بالحقيقة هو الواحد الحق تعالى وكل ما سواه بما هو مأخوذ بنفسه هالك دون وجهه الكريم 103
21 المنهج الثاني: في نبذ من أحوال صفاته تعالى 105
22 المشعر الثاني: في كيفية علمه تعالى بكل شئ على قاعدة مشرقية 108
23 المشعر الثالث: في الإشارة إلى سائر صفاته الكمالية 109
24 المشعر الرابع: في الإشارة إلى كلامه تعالى وكتابه 110
25 المنهج الثالث: في الإشارة إلى الصنع والإبداع 113
26 المشعر الأول: في فعله تعالى 116
27 المشعر الثالث: في حدوث العالم 120
28 خاتمة الرسالة 123