ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ٢ - الصفحة ١٠٢
إلى من تفرع من دوحة النبوة، وسمت به أعراق الإمامة والفتوة، وتضوع بعطفه أرج السيادة، ولاح بطلعته عنوان اليمن والسعادة، ووري باقباله زند النجابة، وعرفت من مواقع رأيه مواضع الإصابة، وانتهت محاسن الفضل إليه، فدعاه لسان الانشاء وأثنى عليه:
يا ابن الألى غر ملوك الورى * تشرفت في لثم أعتابها محاسن الفصل إليه انتهت * وأنت من غيرك أولى بها ذلك نسيج وحده. وعديم نظيره ونده، من ضربت عليه العلياء رواقها، وعقدت لخدمة سعده الجوزاء نطاقها، فهو غرة جبين الدهر، وثمينة قلادة نحر الفخر، سلالة الفخر وسلسالة الكرم، فلان المحترم، نشر الله لواء جده، وطوى حواسد مجده، وأسبغ عليه ظل عنايته، وأفاض عليه سجل كرامته، ما استلقى السعدان، وتعاقب الفتيان، بمحمد خلاصة الوجود، وصحبه خلاصة الموجود.
أما بعد: فبينما أنا في مجلس التذكار، ومنادمة الأفكار، تعاطيني الأشواق والكآبة، مدام الغرام والصبابة، إذ ورد علي في أسعد وقت من الأوقات، وأيمن ساعة من الساعات، كتاب شريف، محتو على خطاب لطيف، كأن ألفاظه الزهر، وبيانه السحر، تستوقف ديباجة وشيه النظر، ممن سرح في رياضها الفكر، بين منثور لؤلؤ ساقطه الطل، ومنظوم جمان كالعقد المفصل، وغرائب استعارات هن زهرة الآداب، ونزهة القلوب والألباب، قد سمحت به قريحة دائمة الانتاج، وروية لم يغلق عليها أبواب المعاني رتاج، وأعملتها في تنسيقه وترصيفه، وتدبيجه وتفويفه، فكرة من كتب محاسنه في صحيفة وجه الدهر، فمحت محاسن من تقدمه من جميع أهل الفخر، وفتحت به مقفلات المسائل، وختمت به أهل الفضل والفضائل، كما قيل فيه وأنا القائل:
ببهاك أحمد في النهى * ختمت ذوو الرتب المنيعه ونسخت ذكرهم به * نسخ الشرائع للشريعة هذا وقد أتحفتني بثلاث تحف، وصلت منك إلي مع هذا المشرف، قد حسن لدي مصطنعها، ولطف عندي موقعها، وسرت بإهدائها نفسي، وردت في أسمائها ومسمياتها رويتي وحدسي، فتفاءلت بالرحلة لترحال الهم، عن قلبي المتيم، وبالسكين بسكون نفسي الفرح، وقطعها أسباب الكآبة والترح، وفي القاموس بإغراق أعدائي بقاموس البلاء، واستغراقي من الله بقاموس النعم والآلاء، ثم أنشأت هذه البديعة، مكافأة لك بالشكر على هذه الصنيعة:
نفسي بحبل ولاء أحمد أمسكت * مذ أحكمت بنياط قلبي عقده (883)

883 ذكرت في باب المدائح.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»