خزانة الأدب - البغدادي - ج ١٠ - الصفحة ١٣
* لحا الله صعلوكا إذا نال مذقة * توسد إحدى ساعديه فهوما * * مقيما بدار الذل غير مناكر * إذا ضيم أغضى جفنه ثم برشما * * يلوذ بأذراء المشاريب طامعا * يرى المنع والتعبيس من حيث يمما * * يضن بنفس كدر البؤس عيشها * وجود بها لو صانها كان أحزما * * فذاك الذي إن عاش عاش بذلة * وإن مات لم يشهد له الناس مأتما * * بأرضك فاعرك جلد جنبك إنني * رأيت غريب القوم لحما موضما *) والله أعلم بقائل أبيات الشاهد.
وقوله: لحا الله صعلوكا أي: قبحه الله وشوهه. والصعلوك بالضم: من لا يملك شيئا.
واللبوس: اللباس.
وجنه الليل: ستره. و مورما: منتفخا من الغم. يعني: قبح الله الصعلوك الذي يكسل عن اكتساب ما يكفيه.
ويساور يواثب. والهم: أول العزم وهو إرادة الشيء بدون فعله. والهم: الحزن أيضا. والليث: الأسد. والمصمم: الماضي في عزمه لا يثنيه شيء وقوله: فذلك أي: ذلك الصعلوك الذي يساور همه ولا يثنيه شيء عن الغزو للغنائم إن أدركته المنية قبل بلوغ الأمنية لقيها محمودا إذ كان قد فعل ما وجب عليه وأقام عذره في مطلوبه باستفراغ الوسع في السعي له.
وإن نال الغنى يوم فكثيرا ما يحمد أمره. فالمحذوف بعد رب هو ما ذكرناه بعد كثيرا. وهو المناسب للمعنى لا ما تقدم.
وخبر قوله: ولكن صعلوكا محذوف يقدر بعد تمام البيت أي: وهو المدعو له بالخير والممدوح عند الناس بدليل ما قبله وهو لحا الله صعلوكا إلخ فإنه ضد له وتكون الجملتان يساور ويمضي صفتين لصعلوك ويكون قوله: فذلك إن يلق.... إلخ تفصيلا لجهة الدعاء والمدح.
فذلك مبتدأ والجملة الشرطية خبره.
وقال شراح الحماسة منهم المرزوقي: قوله: إن يلق المنية خبر قوله: ولكن صعلوكا كما لو انفرد عن قوله فذلك لكنه لما تراخى الخبر عن المخبر عنه وتباعد المقتضى عن المقتضي له أتى بقوله: فذلك مشيرا به إلى الصعلوك فصار إن يلق خبرا عنه. وساغ ذلك لأن المراد بالأول والثاني شيء واحد. هذا كلامه.
وقد وقع هذا البيت في شعر عروة بن الورد بقافية رائية كذا:
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»