خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ٢٩
وأنشد بعده وهو الشاهد التاسع والخمسون بعد المائة وهو من الحماسة: إذا الخصم أبزى مائل الرأس انكب وقبله: فهلا أعدوني لمثلي تفاقدوا على أن إذا الشرطية يجوز عند الكوفيين وقوع الجملة الاسمية بعدها لكن بشرط كون خبرها فعلا إلا في الشاذ كهذا البيت.
قال ابن جني في إعراب الحماسة: يروى إذ وإذا جميعا: فمن رواه إذ حكى الحال المتوقعة كقول الله سبحانه: إذ الأغلال في أعناقهم ومن رواه إذا فهو كقولك: أتيتك إذا زيد قائم وهذا جائز على رأي أبي الحسن وذلك أنه يجيز الابتداء بعد إذ الزمانية المشروط بها انتهى وأبذى من قولهم: زجل أبذى وامرأة بذواء وهو الذي يخرج صدره ويدخل ظهره وأبذى ههنا مثل ومعناه الراصد المخاتل لأن المخاتل ربما انثنى فيخرج عجزه.
وقال أبو رياش: أبزى: تحامل على خصمه ليظلمه.. فجعل أبزى فعلا ولا يمتنع ذلك وإنما المعروف أن يقال: بزوت الرجل ومنه اشتقاق البازي من الطير إذا استعمل على وزن القاضي. وعليه فالخصم مرفوع بفعل يفسره أبزى ويرفع مائل الرأس على أنه بدل من الخصم.
والأنكب: المائل وأصله الذي يشتكي منكبيه فهو يمشي في شق. ومائل الرأس أي: مصعر من الكبر. وقوله: تفاقدوا دعاء قد اعترض به بين أول الكلام وآخره يقول: هلا جعلوني عدة لرجل مثلي فقد بعضهم بعضا وقد جاءهم الخصم متأخر العجز مائل الرأس منحرفا. وهذا تصوير لحال المقاتل إذا انتصب في وجه مقصوده وهو أبلغ في الوصف من كل تشبيه.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»