انحازوا عنهم. وطلب منهم أهل الشام المكافة، والمتاركة، لما رأوا من بأسهم وصبرهم مع قلتهم. فلحق أهل الكوفة بمصرهم، وأهل المدائن والبصرة ببلادهم (1).
وحمل أهل الشام رأس ابن صرد إلى مروان بن الحكم، فجمع الناس وقال: أهلك الله رؤوس الضلال، ابن صرد وأتباعه. ثم أمر فعلقت الرؤوس بدمشق (2). وكانت حركة ابن صرد في عام 65 ه، وهو نفس العام الذي مات فيه مروان بن الحكم، واختلفوا في سبب وفاته، فمنهم من رأى أنه مات مطعونا، ومنهم من رأى أنه مات حتف أنفه، ومنهم من رأى أن أم خالد بن يزيد بن معاوية هي التي قتلته (3).
لقد كانت حركة سليمان بن صرد، مقدمة صحيحة، لو تكاتف الناس فيها لأعطت نتائج أفضل. وأقوى. إنه الرأي العام داخل مربع سليمان بن صرد، كان قد احتقن احتقانا شديدا، ما لبث أن عبر عن نفسه وأشهد الله على ذلك بينما كان الرأي العام في مكان آخر، تقع عليه الضربات من كل جانب، ورغم هذا، لم يقم من نومه، وينشط ذاكرته، ويتحرك التحرك الذي يستقيم مع سنة الابتلاء، لينظر الله كيف يعمل عباده. فيصيبهم إما الثواب وإما العقاب.
ولما كان الغالب الأعم من الرأي العام في سبات عميق، مكبلين بنصوص ليس فيها من كتاب الله، ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برهان، تدعوهم للاستسلام، وترك الدنيا، وهذه النصوص لا يستفيد منها إلا الذين يتخذون مال الله دولا، ودين الله دخلا، وعباد الله خولا. ولما كان الغالب الأعم يتصرف على اعتبار أنه كحصى على الأرض تلهو بها كل ريح، ولا يملك لنفسه سببا من الأسباب ليدفع المخاطر عن نفسه، تاركا الساحة للذين يأخذون بالأسباب للوصول إلى أهداف أهوائهم، في الوقت الذي يرى من حوله نجوم