فقهيات بين السنة والشيعة - عاطف سلام - الصفحة ٨
ثالثا: أن يكون هادئا منصفا مقدرا لغيره من الاجتهادات وإن كانت مخالفة بحيث لا يوجب ذلك شقاقا أو تفرقا أو خصومة في الدين أو يورث شحناء أو بغضاء في النفوس الأمر الذي قد يشكل خطرا كبيرا على الدين ذاته ويفضي إلى ضعفه وزعزعة كيانه. هذا هو الإطار العام الذي يجب أن يسير الاجتهاد على ضوئه حتى يكون منطويا على مصداقية تعبر عن حقيقته وواقعه. أما إذا انحرف عن ذلك الإطار فإنه يتحول - حينئذ - إلى تخبط وعشوائية لا دخل لهما بواقع الاجتهاد وأبعاده الحقيقية.
ولذلك يجب أن نجعل هذا الإطار نصب أعيننا باعتباره أرضية مناسبة لقيام صرح الوحدة الإسلامية الكبرى بين جميع المذاهب على تعدد آرائها ووجهات نظرها.
ولا نعني بالوحدة الإسلامية أن يتخلى كل ذي مذهب عن فكره واجتهاده الذي يطمئن إليه بل نقصد من وراء ذلك إلى الوحدة في الموقف والتلاحم بين الصفوف والتنسيق في العمل وبذل الجهود في مواجهة التحديات التاريخية والحضارية التي تواجه الأمة وتكتنف مسيرتها وتحيط بها من كل جانب.
ويلزم التمهيد لذلك بعاملين:
الأول: استساغة تعدد النظر وتباين الآراء باعتبارهما أمرين فطريين ناشئين عن تفاوت الأفهام بين البشر ومحاولة إيجاد صيغة للالتقاء بينها.
الثاني: جعل المصلحة العليا للإسلام الهدف الأسمى من وراء كل تحرك ونشاط.
ومن هذا المنطق أردنا أن نسلك هذا الدرب الرسالي في إرساء دعائم التلاحم والتقارب بين المذهبين العريقين والأخوة المتحابين من الشيعة والسنة حتى تسير الأمة في إطارها الوحدوي المرسوم لها من قبل الله عز وجل.
(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) [الأنبياء / 92].
(وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) [المؤمنون / 52].
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست