دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ١٣٥
والإشكال هنا كالإشكال السابق وهو أن كلا من الروايات الحظر وروايات الإباحة صحيحة سندا إلا أن روايات الإباحة لا توافق مذهبهم وإنما توافق مذهب خصومهم من الشيعة ولأجل ذلك نبذوها وقالوا بنسخها..
يقول الفقهاء وهو حرام بالكتاب والسنة. أما السنة فلما في الصحيحين من نهيه (ص) عنه. وتحريمه تحريما مؤبدا. وأما الكتاب فقوله تعالى: (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم..) والمتمتع بها ليست واحدة منهما أما أنها ليست مملوكة فظاهر وأما أنها ليست بزوجة فلان الزواج له أحكام كالإرث وغيره وهي منعدمة فيه باتفاق منا ومن المبتدعة المخالفين لنا لا ميراث فيها ولا نسب ولا طلاق والفراق فيه يحصل بانقضاء الأجل. وقول ابن مسعود واستدلاله بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم..) فيه إشارة إلا أن ابن مسعود كان يعتقد إباحتها ولعله رجع بعد ذلك أو استمر لعدم بلوغ النص إياه. أو يقول كما قال ابن عباس بأنها رخصة عند الاضطرار؟ (1)..
ويبدو من هذا كلام أن الفقهاء لم يعملوا عقولهم في نصوص الإباحة فهم يقرأون بعين واحدة هي عين التحيز للرواة على مذهبهم ويدافعون بمنطق الخصومة لا الموضوعية. فمن ثم يمكن القول إن استدلالهم على تحريم نكاح المتعة ونبذ نصوص الإباحة وتحميل الرسول (ص) أمر تحريم ما أحل الله - هو أمر واه وسقطه من سقطاتهم وذلك لأسباب التالية:
أن قولهم إن نصوص التحريم في الصحيحين يرد عليه بأن نصوص الإباحة في الصحيحين أيضا..
أن قولهم تحريما مؤبدا مردود لثبوت استمرار الصحابة على تطبيق نكاح المتعة بعد الرسول وفي عهد أبي بكر وعمر..
إن استدلالهم بقوله تعالى (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم..) على أن الإسلام لا يعترف إلا بنوعين من العلاقة الجنسية نص عليما القرآن وهما: الزواج الدائم وملك اليمين - هذا الاستدلال مردود أيضا لكون حكم إباحة المتعة نزل في المدينة. والآية السابقة المستدل بها مكية - سورة المؤمنون -

(١) مسلم. كتاب النكاح. هامش باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ ثم استقر تحريمه إلى يوم القيامة.. وانظر كتب الفقه..
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست