الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٥٧
في لسان العرب عن ابن الأثير إن أعرابيا جاء أبا بكر وقال له: أنت خليفة رسول الله؟.
فقال: لا.
فقال: فما أنت؟.
قال: أنا الخالفة بعده.
قال ابن الأثير، الخالفة: الذي لا غناء ولا خير فيه. وإنما قال ذلك تواضعا.
ولست أدري على أي وجه اعتبرها ابن الأثير كذلك. وهل من التواضع أن يصف الإنسان نفسه بالحمق والنفاق وهو في مقام الخلافة. وذلك هو ما ذهب إليه العسكري في الأوائل من معنى " خالف " إذ يقول: " وأما الخلافة بالفتح فالحمق وقلة الخير، رجل خالف، وفي القرآن الكريم: " فاقعدوا مع الخالفين " (10).
قال أبو زيد: " يعني من لا خير فيه من المنافقين (11) ".
وكان المفهوم اللغوي لكلمة خلافة هو الجاري به العمل أيام الشيخين، لما تقدم من تسمية عمر لنفسه خليفة خليفة رسول الله، وتركها لاستثقالهم طولها.
ولو أنها كانت تعني المفهوم الاصطلاحي، لكان سمي أبو بكر إماما، وأميرا للمؤمنين نظرا لتداخل معاني هذه الكلمات في الاعتبار الشرعي والاصطلاحي.
فكلمة إمام وأمير المؤمنين لم تكن متداولة اصطلاحيا إلا في شخص علي (ع) سواء في زمن الرسول (ص) أو بعده كما تقدم ويعزز ذلك ما أكده المؤرخون من أن أول من سمى، نفسه أمير المؤمنين من الخلفاء بعد وفاة الرسول (ص) هو عمر بن الخطاب. وكان عدي بن حاتم أول من سماه بها حسب المسعودي، وأول من سلم عليه بها، المغيرة بن شعبة. وأول من دعا له بهذا الاسم على المنبر، أبو موسى الأشعري. فلما قرأها على عمر قال: " إني لعبد الله وإني لعمر وإني لأمير المؤمنين، والحمد لله رب العالمين (12) ".

(10) 83 / سورة التوبة.
(11) الأوائل / أبو هلال العسكري ص 100.
(12) المسعودي / مروج الذهب ص 316 ج 2 دار المعرفة - بيروت.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235