الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٥٧
عبيد الله على أبي بكر، فقال: إنه بلغني أنك يا خليفة رسول الله استخلفت عمرا، وقد رأيت ما يلقى الناص منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم، وأنت غدا لاق ربك، فيسألك عن رعيتك!.
فقال أبو بكر: اجلسوني ثم قال: أبالله تخوفني! إذا لقيت ربي فسألني قلت:
استخلفت عليهم خير أهلك. فقال طلحة: أعمر خير الناس، فاشتد غضبه، وقال:
" إي والله، هو خيرهم وأنت شرهم، أما والله لو وليتك لجعلت انفك في قفاك، ولرفعت نفسك فوق قدرها، حتى يكون الله هو الذي يضعها! أتينني وقد دلكت عينك، تريد أن نفتتني عن ديني، وتزيلني عن رأيي! قم لا أقام الله رجليك! أما والله لئن عشت فوق ناقة، وبلغني إنك غمصته فيها، أو ذكرته بسوء، لألحقنك بمحمضات قنة، فقام طلحة فخرج (68) ".
ما يفهم من هذا النص. وما يظهر من ثناياه، أن أبا بكر كان متشبثا برأيه في عمر بن الخطاب، ولنرجع مرة أخرى إلى نص ابن خلدون: " بعد أن شاور عليا وطلحة وعثمان وعبد الرحمن وغيرهم. فأثنوا عليه ". فقد تبين لنا أن الأمر كان على خلاف ذلك الادعاء فعلي (ع) لم يشر بشئ. وكان موقفه الرفض للأول والثاني كما سبق من كلامه في النهج. وإن طلحة أجاب بالرفض حتى أثار حفيظة أبي بكر، وحصل بينهما ما شاء من سب وقدح. وأما عبد الرحمن فقد كان ثناؤه عليه مشوبا بموجدة على عمر. إذ قال: " إنه أفضل من رأيك إلا أن فيه غلظة ". وكان عثمان هو الذي أثنى عليه نزولا عند رغبة أبي بكر، وهوى على هواه. أما عموم الصحابة فقد رفضوا كما سبق ذكره، وهابوا خلافته وقالوا فيه ما قاله طلحة.
فكيف بعد كل هذا يدعي ابن خلدون، إن الثناء كان عفويا من الجميع.
وجعل في الأمر من التلبيس ما يعكر صفو الحقيقة. ويكسر شوكة الصواب.
ولا بد من الوقوف عند خلافة عمر، وكتابة العهد، لينجلي لنا بعد تبيان

(68) شرح النهج لابن أبي الحديد وتاريخ الطبري.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235