الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٥٦
بأن المشيرين عليه في الأمر كانوا هم عثمان وعبد الرحمن بن عوف وهؤلاء هم الذين دعاهم. وأما طلحة كان ممن دخل بعدهم بلا مشورة. ولا مكان لعلي (ع) بعدها. إلا تماديا من الوضاعين والمحرفين. لاظهر شديد يحمل دليليته ولا أساس متين يقيم ادعاءه.
ولنمض مع ابن خلدون لنرى كيف كانت طريقة الشورى. وهل ثبت أن أثنوا على رأيه؟ أم أن الأمر لم يكن سوى محض تعقل وإسراف من ابن خلدون نفسه؟! (66) ذكر ابن قتيبة " إن عمر قد خرج بالكتاب وأعلمهم: فقالوا: سمعا وطاعة.
فقال له رجل: ما في الكتاب يا أبا جعفر؟ قال: لا أدري، ولكني أول من سمع وأطاع. قال: لكني والله أدري ما فيه: أمرته عام أول وأمرك العام (67) ".
ولندع رواية ابن قتيبة وهو ممن رفض بن خلدون الأخذ عنه في هذا المجال، لأنه لن يجد عنده ما هو مطاوع لتعمله ولا قابل لملاطفاته، وإن كان ابن قتيبة ممن مدحه أهل الرجال وأصحاب التراجم كصاحب الفهرست، وممن مارس القضاء بدينور من دون تزلف وشهد له بالعدالة. ولكن دعنا نعود إلى من وثقهم ابن خلدون وألزم نفسه بالأخذ عنهم، كابن جرير الطبري. لنقف عند " حقيقة ما جرى من هذه المشورة المفتعلة.
جاء في الأثر إن أبا بكر لما نزل به الموت دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: أخبرني عن عمر قال: إنه أفضل من رأيك إلا أن فيه غلظة، فقال أبو بكر: ذاك لأنه يراني رقيقا، ولو قد أفضى الأمر إليه لترك كثيرا مما هو عليه، وقد رمقته إذا أنا غضبت على رجل أراني الرضا عنه، وإذا لنت له أراني الشدة عليه. ثم دعى عثمان بن عفان، فقال: أخبرني عن عمر، فقال: سريرته خير من علانيته، وليس فينا مثله. فقال لهما: لا تذكروا مما قلت لكما شيئا، ولو تركت عمر لما عدوتك يا عثمان، والخيرة لك ألا تلي من أمورهم شيئا، ولوددت أني كنت من أموركم خلوا، وكنت فيمن مضى من سلفكم. ودخل طلحة بن

(66) تاريخ الخلفاء / ابن قتيبة.
(67) نفس المصدر ص 2.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235