الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٩٨
إله إذا لذ هب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون) (120) قال المفسرون: في الآية حجة على نفي التعدد. فمعنى ربوبية الإله. في شطر من الكون ونوع من أنواعه، هو تفويض التدبير فيه إليه. بحيث يستقل في أمره. من غير أن يحتاج فيه إلى شئ غير نفسه. فإذا كان هناك أرباب فلازم ذلك. أن يستقل كل إله بما يرجع إليه من نوع التدبير. وتنقطع رابطة الاتحاد والاتصال بين أنواع التدابير الجارية في العالم. كالنظام الجاري في العالم الإنساني عن الأنظمة الجارية في أنواع الحيوانات والنبات والبر والبحر والسهل والجبل والأرض والسماء وغيرها. وكل منها عن كل منها. وفيه ساد السماوات والأرض وما فيهن. وبما أن النظام الجاري في العالم يسير على صراط واحد فإن ذلك يعني أن المدبر واحد قوله: (ولعلا بعضهم على بعض) بيانه.
أن التدابير الجارية في الكون مختلفة. منها التدابير العرضية. كالتدبيرين الجاريين في البر والبحر. والتدبيرين الجاريين في الماء والنار. ومنها التدابير الطولية. التي تنقسم إلى تدبير عام كلي. وتدبير خاص جزئي محكوم، كتدبير العالم الأرضي وتدبير النبات الذي فيه. وكتدبير العالم السماوي وتدبير كوكب من الكواكب التي في السماء. وكتدبير العالم المادي برمته. وتدبير نوع من الأنواع المادية.
فبعض التدبير، وهو التدبير العام الكلي يعلو بعضا، بمعنى أنه بحيث لو انقطع عنه ما دونه بطل ما دونه لتقومه بما فوقه. كما أنه لو لم يكن هناك عالم أرضي أو التدبير الذي يجري فيه بالعموم، لم يكن عالم إنساني ولا التدبير الذي يجري فيه بالخصوص، ولازم ذلك أن يكون، الإله الذي يرجع إليه نوع عال من التدبير. عاليا بالنسبة إلى الإله الذي فوض إليه من التدبير ما هو. دونه. واستعلاء الآلهة يؤدي إلى فساد الكون. وبما أن النظام الكوني يسير على صراط مستقيم ملتئم الأجزاء متصل التدبير، فإن هذا يعني أن المدبر واحد لا إله إلا هو. لقد تحدث الرسول الأعظم وتلي آيات ربه وأخبرهم بأنه لو قدر تعدد الآلهة لا نفرد كل منهم بما خلق، ونتيجة ذلك عدم انتظام الوجود. والوجود من أمامهم يرى منتظم

(120) الميزان: 62 / 15.
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست