الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٩٤
على حجة الكافرين به إلى يوم القيامة.
وبدأ اليهود يعدون العدة للفتك بالمسيح عليه السلام كما فتكوا من قبل بزكريا ويحيى عليهما السلام ولكن الله تعالى نجا المسيح ابن مريم من أيديهم، وما وجدوا في بيت المسيح إلا شبيه المسيح. الذي ألقى الله عليه الشبه بعد رفع المسيح إليه، وخرج اليهود يهللون لانتصارهم الكبير يقول تعالى: (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما) (107) قال المفسرون: ينص على أنه عليه السلام لم يتوف بأيديهم لا صلبا ولا غير مصلوب، بل شبه لهم أمره.
فأخذوا غير المسيح عليه السلام مكان المسيح فقتلوه أو صلبوه. وقد وردت به روايات أن الله تعالى ألقى شبهه على غيره فأخذ وقتل مكانه.. وقوله: (وإن الذين اختلفوا فيه) أي اختلفوا في عيسى أو في قتله (لفي شك منه) أي في جهل بالنسبة إلى أمره (ما لهم به من علم إلا اتباع الظن) أي التخمين أو رجحان ما أخذه بعضهم من أفواه بعض. وقوله: (وما قتلوه يقينا) أي ما قتلوه قتل يقين، أو ما قتلوه أخبرك خبر يقين وقوله. (بل رفعه الله إليه) وهذه الآية بحسب السياق. تنفي وقوع ما ادعوه من القتل والصلب عليه. فقد سلم من قتلهم وصلبهم. وظاهر الآية أيضا. أن الذي ادعوا إصابته بالقتل والصلب، وهو عيسى عليه السلام، رفعه الله بشخصه البدني، وحفظه من كيدهم، فعيسى رفع بجسمه وروحه، لا أنه توفي ثم رفع روحه إليه تعالى، فهذا مما لا يحتمله ظاهر الآية بمقتضى السياق، فإن الإضراب الواقع في قوله: (بل رفعه الله إليه) وهذه الآية يتم بمجرد رفع الروح بعد الموت الذي يصح أن يجامع القتل والموت حتف الأنف... وبعد ذلك كله فالآيات التي جاءت بعد ذلك في سورة النساء، لا تخلوا عن إشعار أو دلالة على حياته عليه السلام وعدم توفيه بعد (108).
لم يتوف المسيح عليه السلام بقتل أو صلب ولا بالموت حتف الأنف.

(107) سورة النساء، الآيتان: 157 - 158.
(108) الميزان: 133 / 5.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست