الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٩٢
في قطارهم. وللأسف الشديد ركبت معهم أجناس عديدة من أديان شتى بعد أن اتبعوهم شبرا بشبر وذراعا بذراع. وناموا معهم في كل جحر ضيق خرب. إن الطريق العجل المفروش بالذهب اللاحقيقي والذي ينتهي إلى دجال لا يمثل أي حقيقة سيركبه كل من حمل في قلبه انحراف. وكل من اكتسب دينارا من فتنة عليها من الله تحذير.
(ثانيا): اختراق النصارى:
لقد ذكرنا في كتابنا عقيدة المسيح الدجال عن اختراق اليهود للنصرانية الكثير. وسنذكر هنا ما تقتضيه الحاجة. لقد كان المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام هو آخر أنبياء الشجرة الإسرائيلية. ولكن فقهاء الانحراف من شعب إسرائيل لم يؤمنوا به وطالبوه إن كان هو المسيح حقا فليأت إليهم بميراث إبراهيم. ولقد أخبرهم عليه السلام بأنه مصدقا لما بين يديه من التوراة، وتصديقه للتوراة التي بين يديه، إنما هو تصديق لما علمه الله من التوراة الأصل النازلة على موسى عليه السلام وهذا التعليم جاء في قول الله تعالى لمريم:
(ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل) (98) وفي هذا دليل على أنه لم يكن مصدقا للتوراة التي في زمانه لكونها محرفة. وما جرى على عيسى عليه السلام جرى لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم. لقد كان مصدقا لما بين يديه من التوراة، ولم يكن مصدقا لما بين يدي عزرا. لأن الذي بين يدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الله، ولأن عيسى عليه لم يكن مصدقا بما بين يدي عزرا، بدأ اليهود يغزلون له على مغازل الكيد، ولما أيقن عيسى عليه السلام أن دعوته غير ناجحة بين بني إسرائيل كلهم أو جلهم، وأنهم كافرون به لا محالة، وأنهم لو أخمدوا أنفاسه بطلت الدعوة واشتدت المحنة. مهد لبقاء دعوته (قال من أنصاري إلى الله) (99) لقد أراد بهذا الاستفهام أن يتميز عدة من رجال قومه.
فيتمحضوا للحق، فتستقر فيهم عدة الدين، وتتمركز فيهم قوته، ثم تنتشر من عند هم دعوته، وعندما استفهم عيسى منهم (قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا

(98) سورة آل عمران، الآية: 48.
(99) سورة آل عمران، الآية: 52.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست