الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٩٣
بالله واشهد بأنا مسلمون) (100) وكان تعالى قد أوحى إليهم أن يؤمنوا بالمسيح يقول تعالى: (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون) (101) قال المفسرون: المراد بهذا الوحي وحي إلها م (102).
لقد كان وحي الله للحواريين إشارة إلى أن أتباع توراة عزرا لا فائدة فيهم.
وأن الدعوة سيوضع في طريقها جميع أحجار شعب إسرائيل حتى لا تعبر إليهم، ومن أجل ذلك أوحى الله إلى صدر القافلة التي قدر لها أن تواجه أحجار الجموع كي يؤمنوا برسوله. وبدأ المسيح عليه السلام يقيم الحجة على شعب إسرائيل.
فلما وجد اليهود أن المسيح يزاحمهم في مدنهم وفي هيكلهم ويتحدث من توراة غير توراتهم التي لا تحمل إلا معالم سماوية باهتة. بد أوا يمارسون سلطانهم الظاهر والخفي من أجل الايقاع به، ومكروا مكرا، وعند الله مكرهم، فأخبر سبحانه عيسى عليه السلام بما يمكر اليهود. قال تعالى: (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة) (103) قال المفسرون: المراد بالوفاة هنا النوم كما قال تعالى: (وهو الذي يتوفاكم بالليل) (104) وقوله: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) (105) وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا قام من النوم: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا) (106) فالتوفي لم يستعمل في القرآن بمعنى الموت فقط. بل بعناية الأخذ والحفظ. والمعنى أن الله رفعه في منامه وأبعده من الكفار وصانه عن مخالطتهم والوقوع في مجتمعهم المتقذر بقذارة الكفر والجحود وأن متبعيه من النصارى والمسلمين ستفوق حجتهم

(100) سورة آل عمران، الآية: 52.
(101) سورة المائدة، الآية: 111.
(102) ابن كثير: 115 / 2.
(103) سورة آل عمران، الآية: 55.
(104) سورة الأنعام، الآية: 60.
(105) سورة الزمر، الآية: 42.
(106) ابن كثر: 366 / 1.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست