قد قتلنا العزم من ساداتهم * وعدلناه ببدر فاعتدل لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء ولا وحي نزل لست من خندف إن لم أنتقم * من بني أحمد ما كان فعل وفي أبيات أخرى أنشدها وهو جالس في منظرة على جيرون بالشام:
لما بدت تلك الحمول وأشرقت * تلك الرؤوس على شفا جيرون نعب الغراب فقلت أو لا تصح * فلقد قضيت من الرسول ديوني ومن الواضح أن الديون التي يقصدها يزيد في هذه الأبيات هي مقتل العديد من أشياخه (يعني أجداده) في بدر بسيوف علي وحمزة. وقد أفتى كل من سبط بن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلال السيوطي، وجميعهم من أعلام أهل السنة القدامى بكفر يزيد وجواز لعنه (1) استنادا " إلى هذه الأبيات وما جاء فيها من اعترافات صارخة لمن لم يكن ليفهم من فضائح الأعمال!
وكان كما قاله ابن الجوزي: (ولو لم يكن في قلب يزيد أحقاد جاهلية وأضغان بدرية لاحترم الرأس لما وصل إليه وكفنه ودفنه وأحسن إلى آل الرسول) (2).
استباحة دماء أهل المدينة وأعراضهم من المعروف أن أهل المدينة المنورة لم يناصروا الحسين عليه السلام عندما بدأ حملته المعارضة لمبايعة يزيد، ولكنهم عندما ذاقوا مرارة ظلم يزيد وجور ولاته، ولما ظهر من فسق الخليفة وشربه للخمر وقتله لأبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنهم قاموا بالتحرك أخيرا " ضد يزيد، فخلعوا بيعتهم له وطردوا واليه على المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان.