معصوما " عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله باتباعه، فيكون ذلك أمرا " بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه منهيا " عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وإنه محال، فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وجب أن يكون معصوما " عن الخطأ، فثبت قطعا " أن أولي الأمر المذكورين في هذه الآية لا بد وأن يكونوا معصومين) (1).
ولأنه وافق برأيه هذا قول بعض الفرق الأخرى القائلة بعصمة الأئمة، فإنه استدرك على الفور قائلا ": (إننا في زماننا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم، عاجزون عن الوصول إليه، عاجزون عن استفادة الدين والعلم منه، فإذا كان الأمر كذلك، فالمراد ليس بعضا " من أبعاض الأمة، بل المراد هو أهل الحل والعقد من الأمة) (2).
وأهل الحل والعقد هم الذين تثق بهم الأمة من العلماء ورؤساء الجنود، والسرايا، وأولياء الدولة، وسراة القوم، وغيرهم من يمثلون الأمة، فتكون العصمة للمجلس الذي يضم هؤلاء الممثلين وليس لأي فرد منهم، ورأيهم النهائي لا يمكن وقوع الخطأ فيه على حسب رأي الرازي، بل لا بد وأن يكون دائما " مصيبا " وموافقا " للكتاب والسنة، وهو من عناية الله على الأمة. ثم يستدل على ذلك بما نسب قوله إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تجتمع أمتي على خطأ) (3).
بماذا ينخلع الخليفة؟
تبين مما سبق أن أهل السنة لا يشترطون في إمام الأمة العصمة ولا الأعلمية ولا حتى الأفضلية، بل يكتفون بأن يكون عنده قدر من العلم وإن قل، ودرجة من العدالة والتقوى تكفي لقبول شهادته، وحسن التدبير في شؤون