الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٥٨٨
الرسالة إلى أهل أفسس عودة إلى الموضوعات المشروحة في رسائل أخرى، ولكن على وجه يجعل الصلة بين الرسالة إلى أهل أفسس وبين الرسالة إلى رومة والأولى إلى أهل قورنتس والرسالة إلى أهل غلاطية، لا بل الرسالة إلى أهل قولسي، ناجمة عن أمور علقت بذهن الكاتب، وعن رجوع على المعاني التي وردت في تبشير الرسل، أقل منها عن تأثير مباشر لتلك الرسائل. فالرسالة إلى أهل قولسي على الخصوص تبدو أقرب إلى رسائل أخرى لبولس بالانشاء والأسلوب، في حين أن الرسالة إلى أفسس أغنى بالموضوعات الخاصة ببولس. (فلا أثر للخلاص بالنعمة وشعب الله والروح القدس في الرسالة إلى أهل قولسي). إن وجوه الشبه فيها بمؤلفات قمران أكثر عددا، فتأثير الأسينيين يزداد وقعه شدة في التعليم المسيحي الشائع عند الجيل الثاني. ويلاحظ أيضا الدور الذي كان للأدب الحكمي، وقد ظهر ظهورا واضحا في الرسالة إلى أهل قولسي، فإن الألفاظ " الحكمة والسر والملء " تتكاثر، وربما أخذت تطبع ببعض التطورات التي أدت بعدئذ إلى العرفان.
وآخر الأمر قد يفسر تأخير تحديد وقت لتاريخ الرسالة تلك الصلات القائمة بين الرسالة إلى أهل أفسس والرسائل الرعائية، إذا رئي أنها أتت بعد بولس. ويفسر أيضا ذلك التأخير تلك الصلاة القائمة بين الرسالة المذكورة وتراث يوحنا. ويمكن عندئذ أن ينسب هذا كله إلى بيئة واحدة هي أفسس. ولكن تفحص العقيدة اللاهوتية التي وردت في الرسالة هو الذي، قبل كل شئ آخر، يمكننا من الإحاطة بالطابع الذي يطبع الرسالة.
[العقيدة اللاهوتية في الرسالة: التأصل في بولس والمجال الجديد للنظر] ومهما يكن، فإن الرسالة إلى أهل أفسس مطبوعة طبعا شديدا بفكر الرسول بولس. ولولا هذه الروابط المدهشة، لما كان هناك مشكلة. ها هو ذا تعداد سريع لتلك الروابط:
- إن العمل العظيم الذي أتمه الله في يسوع المسيح راسخ في لب رسالة بولس: فالمعمودية تعني على وجه حاسم اشتراك المسيحيين في مصير المسيح - التبشير بالنعمة والإشادة بها يطبعان الرسالة بالطابع الغالب عليها، من البركة التي تفتتحها (1 / 3 - 14) إلى الارشادات الواردة في الخاتمة (2 / 1 - 10 و 4 / 7).
- ترتبط مصالحة العالم بهدم الحاجز الذي كان يفصل إسرائيل من سائر الأمم. لقد أصبح الوثنيون منذ ذلك الحين أبناء وطن ملكوت الله على وجه تام (2 / 11 - 22).
- يقوم بولس في خدمته برسالة عهد الله بها إليه (3 / 2 - 13).
- الكنيسة هي شعب الله وجسد المسيح، على ما ورد في الرسالة إلى أهل أفسس، ولا أثر في الرسالة لشئ من النظريات الكونية. فالوحي الإلهي لا يكشف عنه في نظرية أو نظام فكري، بل يكشف عنه للجماعة المسيحية وعن يدها، وهي توضيح " للسر ".
غير أن تراث بولس هذا تعرض لتحويل شديد لا يمكن أن ينسب إلى الموضوعات الجديدة التي ظهرت في الرسالة إلى أهل قولسي فحسب. فإن ما أخذ ينشأ من امتداد في المعاني قد أصبح بارزا حتى ظهر في صورة إجمالية طريفة.
(٥٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 583 584 585 586 587 588 589 590 591 592 593 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة