الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية - حاج مالك بن الشيخ داود - الصفحة ١١
الخصومات بين المسلمين، من لدن عهد أحمد بن تيمية المؤسس الأول [1] لهذه الدعوة إلى عهد محمد بن عبد الوهاب الذي جددها بعد أربعمائة سنة من وفاة ابن تيمية الذي كان قد واجه تهما شتى، مما أدى في الأخير إلى الحكم عليه بالسجن مدى الحياة بسبب تلك الدعوة وقد ظل مسجونا إلى أن وافته المنية رحمه الله.
وهنا نلفت انتباه القارئ الكريم إلى أن أحمد بن تيمية هذا كان واحدا من أكابر العلماء وكان فقيها مشهورا بالزهد والتقى، ويضرب به المثل في علم الحديث و كان يلقب بشيخ الإسلام إلا أنه خالف جمهور العلماء في بعض المسائل الشئ الذي حط بدولته، إلى أسفل الدرجات ولا غرابة في ذلك فالجواد قد يكبو والسيف قد ينبو.
فقد كان من أمره أنه يمنع السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويحرم التوسل والاستغاثة بالأنبياء والأولياء ويقول بأن ذلك من الشرك بالله كما كان يطعن في السادة الصوفية وفي أكابرهم من أمثال الإمام الجنيد البغدادي (المتوفى سنة 298 ه‍.) وأبي يزيد البسطامي (المتوفى 231 أو 261 ه‍.) وابن الفارض (المتوفى سنة 636 ه‍.) والإمام الغزالي (المتوفى 505) وأضرابهم وكان يهاجم عليهم بأفظع العبارات ويبالغ في الرد عليهم وعلى منهجهم الصوفي. وذلك أيضا هو النهج الذي سلكه خليفته محمد بن عبد الوهاب وأتباعه المعاصرون. وهناك مسائل أخرى يتعلق بعضها بالأصول وبعضها بالفروع خالفوا فيها جمهور العلماء وصاروا بها موضع الجدل والخصومات بين المسلمين.
أما محمد بن عبد الوهاب فقد ظل هو الآخر يعاني مدة حياته حروبا حامية الوطيس بينه وبين علماء عصره الذين كانوا يعارضونه تماما ويعتبرون دعوته من أخطر الدعوات في تاريخ الإسلام. فقد رد عليه بعض الأساتذة والعلماء بأبلغ الرسائل و المؤلفات يحذرونه فيها من مغبة هذه الدعوة ويناشدونه التوقف عن شن هجوماته ضد المسلمين الأبرياء الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب والضلال.
ومن بين أولئك العلماء كبير مشائخه وهو الشيخ محمد بن سليمان الكردي [2] الذي قال من جملة كلامه إليه: يا ابن عبد الوهاب إني أنصحك لله تعالى أن تكف

(1) أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني المتوفى 728 (2) المتوفى سنة 1194
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»