أشد الجهاد - الشيخ داود الموسوى البغدادى - الصفحة ٢٠
يدع الاجتهاد المطلق الغير المنتسب إلا الإمام بن جرير الطبري ولم يسلم له ذلك انتهى وقال ويكون على علم الإخوان أن لكل سنة سنها المجتهدون أو بدعة حرمها المجتهدون درجة في الجنة لمن أطاع أو دركا في النار لمن خالف وإن تفاوت مقامهم ونزل عما سنه الشارع أو كرهه كما صرح به أهل الكشف فاعلم ذلك واعمل بكل ما سنه المجتهدون واترك كلما كرهوه ولا تطالبهم بدليل في ذلك فإنك محبوس في دائرتهم ما دمت لم تصل إلى مقامهم لا عليك أن تتعداهم إلى الكتاب والسنة وتأخذ الأحكام من حيث أخذوا أبدا انتهى وما أشبه هؤلاء المدعين إلا كما وقع في زمان الشعراني أن أحدا من كابر علماء زمانه عمل بزعمه ردا على الإمام أبي حنيفة فأتى بكتاب صنفه ليراه الشعراني فاعتذر الشعراني بأنا لسنا من فرسان ميدان هؤلاء الأكابر فرأى في الواقعة التي هي بين النوم واليقظة أن الإمام أبا حنيفة كالجبل العظيم من نور من الأرض إلى السماء وذلك المدعي كالبعوضة واقف مقابل ذلك الجبل فهؤلاء المدعون في هذا الزمان بلا شك كالبعوضة بالنسبة إلى العلماء الأكابر المقلدين فضلا عن المجتهدين رضي الله عنهم أجمعين (فصل) ثم بعد كتابتي لما تقدم رأيت المناوي في شرحه الكبير على الجامع الصغير قال في أوله ما يؤيد بعض ما قدمته فأحببت نقله قال العلامة الشهاب بن حجر لما ادعى السيوطي رتبة الاجتهاد في المذهب لا المطلق قام عليه معاصروه من العلماء ورموه عن قوس واحد وكتبوا له سؤالا فيه مسائل وأطلق الأصحاب فيها وجهين وطلبوا منه أنه إن كان عنده أدنى مراتب الاجتهاد وهو اجتهاد الفتوى فيتكلم على الراجح من تلك الأوجه بدليل على قواعد المجتهدين فرد السؤال من غير كتابة واعتذر بأن له أشغالا تمنعه عن النظر في ذلك قال الشهاب فتأمل صعوبة هذه المرتبة أعني اجتهاد الفتوى الذي هو أدنى مراتب الاجتهاد يظهر لك أن مدعيها فضلا عن مدعي المطلق في حيرة من أمره وفساد في فكره وأنه ممن ركب متن غميا وخبط خبط عشوى قال ومن تصور مرتبة الاجتهاد المطلق استحى من الله أن ينسبها لأحد من أهل هذه الأزمنة يعني زمان بن حجر في سنة تسعمائة وهذا بيننا وبينه نحو أربعمائة سنة فكيف لا يستحي من في هذه الأزمنة أن يدعي هذه الرتبة التي
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»