أشد الجهاد - الشيخ داود الموسوى البغدادى - الصفحة ١٨
نهم كمثلهم ولهذا جميع علماء الأمة ممن بعدهم مشوا على مناهجهم واتبعوا مذاهبهم وثابر وأعلى تنقيحها وتهذيبها وبيان المعتمد منها في كل هذه القرون التي تبلغ من نحو مذهب أبي حنيفة اثنى عشر قرنا كلهم مضوا مع فضلهم وعلمهم وتقدمهم وحفظهم على اتباع مذاهبهم ولم يدعوا هذه الدعوى العاطلة الباطلة إذ هم أزكى نفوسا وأطهر أوصافا وأورع طريقا وأغزر علما وفهما من هؤلاء ولم يمكنهم الدعوى فكيف يدعي من لا يعد في العير ولا في النفير وهؤلاء الذين قلنا عنهم ألوف كيف اجتمعت آرائهم وعلومهم على أتباع المذاهب الأربع فهذا دليل الإجماع من أهل العلم على تقليد المذاهب واليأس من وجود مثلهم أو من يدانيهم ومخالفة الإجماع من العلماء والعوام في كل هذه الأعصار حرام ويستحق المخالف العذاب كما مر في الآية الشريفة وكأن من أظهر نفسه في هذه الأزمان بدعوى الاجتهاد المطلق يقول بلسان نطقه ولسان حاله إن كل هؤلاء العلماء والمقلدون ما لهم عقول وهو العاقل ولا لهم فهم وهو الفاهم ولا شك أن هذا عين الجنون الذي يستوجب صاحبها الحبس المديد والعذاب الشديد لسعيه بجنونه في الأرض الفساد فهؤلاء خارجون عن زمرة أهل العلم الكاملين من السلف الصالحين ومن تبعهم إلى يوم الدين فهل يقبل عاقل مثل هذه الخرافة أن شرذمة قليلة المغالب عليها الجهل يدعون في هذا الزمان الاجتهاد ولا يتبعون المذاهب ومن هو إعلم منه بألف درجة لا يدعيه ويجعل نفسه مقلدا أفلا يستحي من الله ورسوله ومن هؤلاء العلماء الأجلاء أن يرتفع عليهم ويقول أنه هو مثل إمامهم المذهب في الاجتهاد وأين الثريا من يد المتناول فقد سولت له نفسه الأمارة بالسوء المدعية رتبة بعيدة عنها بكثير لغلبة هو النفس وطمس البصيرة وأن لا يكون تحت حكم غيره من المذاهب الذين هم أقطاب هذه الملة علما وعملا وإخلاصا وكشفا ظاهرا وباطنا بل من اتباعهم إلى يومنا هذا كم ظهر منهم من الأقطاب والأولياء الأحباب الذين أطلعهم الله تعالى على ظاهر العلم وباطنه وما ادعوا الاجتهاد وذلك مثل عبد الله بن المبارك والجنيد البغدادي والسري السقطي ومعروف الكرخي وبشر الحافي وسيدنا الشيخ عبد القادر الجيلي والشيخ شهاب الدين السهروردي وشاه نقشبندي ومن قبله ومن بعده رضي الله عنهم فيا ليت
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»