تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٢٠٠
تخصيصها ولا ضرورة إلى التخصيص لما سنبينه (الثالث) أن الذي تسكنه القلوب من أعمال القلوب والإيمان سواء في الخفاء فإذا جعل الله لبعض خلقه أمارة على أعمال القلوب الخفية الزائدة على الإيمان فلا بعد أن يجعل له دليلا على الإيمان وإنما ألجأ القاضي إلى هذا أن من يخرجه الله بغير شفاعة لا بد أن يكون الإيمان في قلبه وهذا صحيح لأنه لا يتعين أن يكون من هذه الأمة وأما ما تمسك به من أن الإيمان لا يتجزئ فجمهور السلف على أنه يزيد وينقص وحقيقته غير متجزئة وليس هذا محل تحقيق ذلك * نعم لا بد في الرد على القاضي من تحقيق أن الإيمان القائم بالقلب يقبل القوة والضعف وإلا فيصح ما قاله (القول الثاني) أن المراد من قال لا إله إلا الله من غير هذه الأمة قاله أبو طالب عقيل بن عطية وهو الصحيح عندي والعلم عند الله تعالى تمسكا بدلالة الألفاظ فإنه لم يقل من أمتي وقد سبق أنه قال ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن والظاهر أن المراد من أمته أي لم يبق منهم أحد فيكون النبي صلى الله عليه وسلم طلب بعد ذلك أن يؤذن له في غير أمته ممن قال لا إله إلا الله فقيل ليس ذلك إليك والداعي له إلى طلب ذلك كمال شفقته على الخلق مع إطلاق قوله تعالى اشفع تشفع مع كونه أقيم مقام البسط والادلال ومع ذلك لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم إلا أئذن لي أي في أن أشفع لأنه لا يشفع عنده إلا بإذنه فتنبه لهذه الدقيقة فإن فيها محافظة على إطلاق قوله تعالى اشفع تشفع وإن شفاعته صلى الله عليه وسلم لا ترد ثم اعلم أن قوله لا إله إلا الله من جملة العمل وقد سبق في الأحاديث أنه تعالى يخرج برحمته قوما ما لم يعملوا خيرا قط فإما أن يكون المراد لم يعملوا خيرا زائدا على الإيمان أو يكون المراد قول لا إله إلا الله بالقلب وإن لم ينطق بها بلسانه فإن كان ذلك كافيا في الملل المتقدمة في الإيمان صح الحمل عليه وإن كان النطق شرطا كما هو عندنا فيحمل على من تعذر منه النطق *
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»