تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٩٦
به هو فيه صادق من وجه وهذه كلها في حق غيرهم ليست بذنوب لكنهم أشفقوا منها إذ لم يكن عن أمر الله تعالى وعتب على بعضهم فيها لعلو منزلتهم من معرفة الله تعالى ولو صدر منهم شئ غير ذلك لذكروه في ذلك المقام فليتأمل الناظر هذه الفائدة وليأخذها بكلتا يديه وما اختاره القاضي عياض من عصمتهم من الصغائر كعصمتهم من الكبائر هو الذي اعتقده وأدين الله به وإن كان أكثر المتكلمين على خلافه ولا يحتمل هذا المكان التطويل بالاستدلال له قال القاضي عياض ولا يهولنك أن نسب قوم هذا المذهب إلى الخوارج والمعتزلة وطوائف من المبتدعة إذ منزعهم فيه منزع آخر من التكفير بالصغائر ونحن نتبرأ إلى الله تعالى من هذا المذهب * (فصل) * وأما قوله صلى الله عليه وسلم عقب رفع رأسه يا رب أمتي أمتي فظاهره أن أول شفاعته في أمته وفي حديث حذيفة المتقدم أنه يقوم وترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط ومال القاضي عياض إلى أن هذا في الأول لأن هذه الشفاعة هي التي لجأ الناس إليه فيها وهي للإراحة من الموقف والفصل بين العباد ثم بعد ذلك حلت الشفاعة في أمته صلى الله عليه وسلم في المذنبين وحلت شفاعة الأنبياء والملائكة وغيرهم وجاء في الأحاديث المتقدمة اتباع كل أمة ما كانت تعبد ثم تمييز المؤمنين من المنافقين ثم حلول الشفاعة ووضع الصراط فيحتمل أن الأمر باتباع الأمم ما كانت تعبد هو أول الفصل والإراحة من هول الموقف وهو أول المقام المحمود وأن الشفاعة التي ذكر حلولها هي الشفاعة في المذنبين على الصراط وهو ظاهر الأحاديث وأنها لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولغيره كما نص عليه من الأحاديث السابقة ثم ذكر بعدها الشفاعة فيمن دخل النار وبهذا تجتمع متون الأحاديث وترتيب معانيها إن شاء الله تعالى هذا كلام القاضي رحمه الله
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»