رد الحموي على الوهابية - السيد أحمد الحموي - الصفحة ٤
الكرامة لا تختص بحال الحياة فلا تنقطع بالموت بخلاف المعجزة للنبي حيث اعتبر في حقيقتها الاقتران بدعوى النبوة وقصد إظهارها عند تحدي المنكرين وحينئذ فما يظهر من الخوارق بعد موت الأنبياء يكون كرامة لهم لا معجزة فمن أطلق لفظ المعجزة فقد تسمح بخلاف كرامة الولي إذ لم تعتبر في حقيقتها دعوى الولاية وقصد إظهار الكرامة بل الولي مظهر لها إذ هي كما تقدم الأمر الخارق للعادة وهو الفعل الذي لا يدخل تحت كسب العبد واختياره بل هو حاصل بفعل الله والولي مظهر له أي (1) محل لظهوره وفي هذا الأمر لا فرق بين حياة الولي وموته هذا ما أفاده كلام المحقق التفتازاني في شرح العقائد النسفية فإن قلت ما الدليل على جواز وقوع الكرامة بعد الموت وعدم اختصاصها بحال الحياة قلت الدليل على ذلك أن الكرامة بعد الموت أمر ممكن وكل ممكن جائز الوقوع فالكرامة بعد الموت جائزة الوقوع إذ لو لم نقل بجواز الوقوع للزم ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح وهو محال وأيضا لو قلنا بعدم جواز الوقوع مع كونها مخلوقة لله تعالى ومقدورة له إذ هي من جملة الممكنات (2) وقدرته تعالى

(1) قوله محل لظهوره لا يفهم منه إن قدرة الله تعالى تحل في شئ من الحوادث بل الله يجريها على يديه انتهى منه.
(2) في لطائف المنن للشيخ تاج الدين بن عطاء الله أعلم أن قدرة الله التي لا يكثر عليها شئ هي التي أظهرت الكرامة في هذا الولي فلا ينظر إلى ضعف العبد ولكن ينظر إلى قدرة السيد فجحد الكرامة للولي جحد لقدرة الله سبحانه وتعالى وربما كان سبب إنكارك الكرامات استكثارا على ذلك العبد الذي أضيفت الكرامة إليه وذلك العبد ما ظهرت عليه الكرامة إلا وهي شاهدة بصدق متبوعه فهي بالنسبة إلى من ظهرت ببركات متابعته معجزة فلذلك قالوا كل كرامة لولي فهو معجزة لذلك النبي الذي هذا الولي تابع له فلا ينظر إلى التابع ولكن ينظر إلى عظم قدر المتبوع وبالجملة فالملخص من هذا الكلام هو أن جميع خوارق العادات من المعجزات جائز وقوع مثلها كرامات للأولياء مطلقا لأنها ناشئة عن الله تعالى بفعله وإرادته ا ه‍ منه
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 » »»