أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ٣١
أكان يعني أولئك الأبطال الذين ستشهد هذه الأرض ذاتها استشهادهم الرهيب والمهيب بعد عشرين عاما لا غير من هذه النبوءة الصادقة..؟
ربما..
وربما لم يكن إلهامه ولم تكن بصيرته يومئذ معلقين بواحد بذاته من أهل بيته المباركين.
فهو على أية حال يدرك أن المعركة التي بدأها من أجل الحق لن تنتهي..
ويدرك أنه لن يصبر أحد من بعده لأوائها وضراوتها مثلما سيصبر أبناؤه الذين ورثوا البطولة كابرا عن كابر..!
وحين يحتدم في البصائر النقية ولاؤها لحق مقدس. أو لمبدأ جليل، فإن هذا الاحتدام يتلقى في لحظة إشراق روحي مددا من الرؤية غير منظور، يكشف الغيب ويجذب إلى دائرة الاستشراف أحداث الزمن البعيد..!!
ولعل شيئا كهذا، حدث ذلك اليوم، فرأى الإمام التقي النقي بلاء أبنائه وحفدته، رأى بلاءهم العظيم في سبيل القضية التي حمل لواءها، ورأى (محط رحالهم، ومهراق دمائهم "..!
القضية إذن، كانت كما قلنا، قضية (النبوة) لا (الملك).
النبوة بكل تألقاتها الورعة وموازينها العادلة.. لا الملك الذي يريد نفر من الأمويين أن يردوا به وثنية الجاهلية في أثواب تنكرية..!!
والذين يدرسون معارك (الجمل، وصفين، وكربلاء) خارج هذه الدائرة، لا يأمنون عثار تفكيرهم، وزيغ أحكامهم.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست