أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ١١٤
ولسوف يصبر على واجبه، ويعانق مصيره بما عرف عن بيته الكريم من رضا وثبات وولاء..
هكذا وقف ابن الرسول الأكرم.. وقف ابن (علي) البطل، و (فاطمة) الزهراء الموقف اللائق به، والمقدور له..
كان يستطيع أن يخادعهم، والحرب خدعة..
بل كان من حقه لو شاء أن يبايع بلسانه، حتى إذا عاد بأهله إلى مكة واطمأن على سلامتهم، خلى البيعة وألقى بها إلى التراب، وله من دينه في مثل ذلك رخصة سجلها القرآن في بعض آياته فقال:
(.. إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان).
ولكنه سليل بيت، ليس من طرازه سواه، وابن رجال لا يركبون الرخص، بل يعانقون العزائم!!...
إن عاقبة المعركة لواضحة مقروءة.. فاثنان وسبعون، لن يهزموا..
بل يفلتوا من أربعة فارس ضربوا حول القلة الصامدة أبشع حصار.. إنه لا أمل في النصر.
ولكن، أي نصر هذا الذي لا أمل فيه..؟ النصر العسكري في معركة غير متكافئة..؟؟
ليكن ذلك، فأين النصر الآخر، الأعظم، والأكرم، والأبقى..؟
النصر الذي يتحقق ويتمثل في بذل الحياة من أجل الواجب.. وفي إعطاء القدوة بروعة الثبات.. وفي إضاءة ضمير الحياة بجلال التضحية..؟!!
هذا النصر، هل فقد (الحسين) الأمل فيه؟؟ لا.. بل لقد تجسدت فيه كل آماله وآمال الذين معه، ومن ثم تشبث وتشبثوا به في وله عظيم، وراح يقاتل ويقاتلون في سبيله على نحو يجل عن النظير..!!
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست