وربما كان النظام يوافق هشاما في أصل رأيه في الإنسان، فقد قال الشهرستاني عنه " ووافقهم (يعني الفلاسفة) في قولهم أن الإنسان في الحقيقة هو النفس والروح والبدن آلتها وقالبها، غير أنه تقاصر عن إدراك مذهبهم فمال إلى قول الطبيعيين منهم أن الروح جسم لطيف مشابك للبدن مداخل للقلب بأجزائه مداخلة المائية في الورد والدهنية في السمسم والسمنية في اللبن، وقال إن الروح هي التي لها قوة واستطاعة وحياة ومشيئة وهي مستطيعة بنفسها والاستطاعة قبل الفعل " (1).
وتفسير الإنسان بالروح الذي هو جوهر بسيط لا حيز له ولا تركيب كما يراه هشام ومن بعده من متكلمي الإسلام، يرجع إلى ما يراه أفلاطون وأفلوطين بصفته الروحية المحضة. ثم أخذه عنهما الرواقيون فأكسبوه لونا ماديا، اطرادا لرأيهم في تجسيم كل موجود، وأنه لا موجود إلا المادة وقالوا عن الروح أنه جسم لطيف مشابك للبدن كما حكي ذلك عن أرسطو (2).
وبعد هذا فهل أخذ هشام رأيه هذا بلونه الروحي المجرد عن أفلاطون وافلوطين، وهل وجود الشبه بينهما يفضي إلى القول بأن هشاما تأثر في هذه المسألة برأي أفلاطون، وأفلوطين من بعده وأخذ عنهما. ولكن مهما يكن من تشابه في الرأي بينهما فإنه من الصعب أن نتعرف إلى وجود العلاقة بين الرأيين، ثم أننا لا ننكر أن هشاما قد اطلع على كتب الإغريق وسواهم، واطلع كذلك على آراء أفلاطون وعرف شيئا منها، كما يدلنا